تشكل أهداف التنمية المستدامة خارطة الطريق الأساسية أمام الدول لمواجهة التحديات المختلفة بشكل جماعي وفردي. وقد أعلنت الأمم المتحدة هذه الأجندة في عام 2015 وحددت عام 2030 موعدًا للانتهاء من تحقيق أهدافها، مع الالتزام بمراجعات دورية لما تحقق من هذه الأهداف على المستوى الوطني. تحدد أجندة التنمية المستدامة سبعة عشر هدفاً تلخص التحديات الكبرى التي تواجه العالم في مستقبله، وفي داخل هذه الأهداف السبعة عشر يبرز الهدف الخامس بالتركيز على تحقيق المساواة بين الجنسين والهدف العاشر الذي يركز على مواجهة أشكال عدم المساواة على المستوى الدولي. هذان الهدفان يعكسان التزام المجتمع الدولي بقضايا النساء وضرورة مواجهة أشكال التمييز المختلفة التي يتعرضن لها. وانطلاقًا من هذا الالتزام، يحتوي كل هدف من أهداف التنمية المستدامة على عدد من المؤشرات التي تتعلق بأوضاع النساء وضرورة تحسينها، بالإضافة إلى التقاطعية في كل الأهداف التي تهدف إلى الوصول إلى مجتمعات أكثر إنصافًا وشمولًا وعدالة لجميع المواطنين والمواطنات.
في مقابل هذا الالتزام الأممي بأجندة التنمية المستدامة، نجد واقعًا دوليًا وإقليميًا يكاد يكون مناقضًا لهذا الالتزام؛ فبالرغم من اقتراب عام 2030، الموعد المحدد للانتهاء من تحقيق الأهداف، نجد أن أيًا منها لم يتحقق بشكل كافٍ، وبعضها لم يتحقق على الإطلاق. فلم يتحقق هدف القضاء على الفقر (الهدف الأول)، ولا هدف القضاء على الجوع (الهدف الثاني). ووفقًا لتقرير نشرته الأمم المتحدة مؤخرًا، يُخشى أن نحو 7٪ من سكان العالم لن يتمكنوا من الخروج من دائرة الفقر المدقع (2.5 دولار يوميًا) بحلول عام 2030. وبينما تحسنت المؤشرات المتعلقة بزواج الطفلات وختان الإناث فما زالت النساء في العالم يعانين من أشكال مختلفة من التمييز والعنف المبني على النوع الاجتماعي والآثار المدمرة للحروب والعنف السياسي.
واقع الأمر أن ما يفصلنا عن عام 2030 أقل من عقد من الزمان، لذلك، يجب علينا، كجماعة بحثية تهتم بالتحليل والفهم وتقديم النصح لصانع القرار، أن نناقش ما بعد 2030 وما الخطوة التالية لأهداف التنمية المستدامة؟ هل ينبغي علينا إعادة النظر في قائمة الأهداف وإعادة ترتيب أولويات الدول والمجتمعات بشأن تحقيقها؟ أم ينبغي علينا تقييم مدى الإنجاز في كل هدف على حدة، وتحديد كيفية التعامل معه في العقود القادمة؟ أم يجب علينا إعادة النظر في مفهوم التنمية ذاته، والأطراف المرتبطة به، والمؤسسات المسؤولة عنه، والمؤشرات المستخدمة في قياسه بغرض تطويره؟
في هذا السياق، هناك انتقادات لأهداف التنمية المستدامة تتعلق بكونها شديدة الاتساع؛ فهناك 17 هدفًا رئيسيًا يتفرع عنها 169 هدفًا فرعيًا ويرتبط بهم 232 مؤشرًا للقياس. هذا التوسع الشديد، الذي يبدو أن الغاية منه جعل أجندة التنمية المستدامة أكثر شمولية، قد يجعل تحقيق أي من هذه الأهداف بعيد المنال، لا سيما مع ضعف إمكانيات بعض دول الجنوب في الالتزام بهذه الأهداف والمؤشرات الفرعية. بالإضافة إلى تحول عملية متابعة تحقق الأهداف إلى عملية ميكانيكية تقنية تفقد التركيز على الواقع لصالح المؤشرات. كما أن هذه المؤشرات والأهداف تعكس رؤية للعالم تستند إلى المفاهيم الليبرالية الغربية، متجاهلةً الواقع السياسي المرتبط بعدم المساواة والعدالة المتفشية في دول الجنوب (أرورا جونسون، 2022). إضافةً إلى ذلك، تتجاهل هذه المؤشرات الإرث الاستعماري الطويل الذي عانت منه دول الجنوب، وإسهام دول الشمال في إفقار هذه الدول ونهب مواردها بشكل ممنهج على مدى فترة طويلة (انتوني بوجيس، 2022).
وفي ضوء التزام مؤسسة المرأة الجديدة بقضايا النساء وما يرتبط بها من تحديات وفرص تتعلق بالمساواة الجندرية وقضايا العمل اللائق وأهمية سياسات الصحة والتعليم وانعكاساتها على رفاه النساء وقدرتهن على المساهمة الفعالة في مجتمعاتهن، قررنا تخصيص العدد القادم من مجلة “طيبة” لقضايا التنمية المستدامة.
• الإسهامات النسوية في أدبيات دراسات التنمية، مع التركيز على المنظورات النقدية في دول الجنوب.
• تطوير مؤشرات القياس والمتابعة لأهداف التنمية المستدامة المختلفة من وجهة نظر نسوية جنوبية.
• التحولات في المفاهيم التنموية المختلفة، خاصة تلك المتعلقة بالنساء والتحديات التي تواجههن مثل الفقر والعمل اللائق وغيرها.
• التأثيرات السياسية الدولية والإقليمية على تمويل برامج التنمية في دول الجنوب، وتأثير ذلك على أوضاع النساء، خاصة فيما يتعلق بمواجهة العنف ضدهن بأشكاله المختلفة.
• القضايا المستجدة التي تؤثر على أولويات التنمية، مثل العدالة المناخية، وتأثيرها على قضايا الهجرة والصراعات.
• دور المجتمع المدني ومراكز الفكر في تطوير سياسات وبرامج تنموية تهدف إلى تعزيز إدماج النساء في سوق العمل ومراكز صنع القرار.
• دور التنظيمات النقابية والعمالية والناشطية في تطوير سياسات وبرامج تتعلق بالعمل اللائق ومكافحة عمل الأطفال ومؤشرات تحقيق المساواة الجندرية.
• دراسات مقارنة لأفضل الممارسات في تطوير سياسات وبرامج ومؤشرات تعزز مشاركة النساء في قضايا التنمية المستدامة المختلفة.
يتم إرسال كافة المقترحات إلى هيئة التحرير عن طريق البريد الإلكتروني إلى nwrcweb@gmail.com في موعد أقصاه (15 فبراير 2025)، وستقوم هيئة التحرير بالرد على طلبات المشاركة بالرفض أو القبول في موعد أقصاه (28 فبراير 2025). وترسل المادة النهائية في موعد أقصاه (1 أبريل 2025) لمراجعتها ونشرها.