تعامل القانون المصري مع الولاية باعتبارها حق أصيل للذكور فاعتبر القانون الرجل (الزوج) هو المسئول الوحيد على اتخاذ القرار بالنسبة للزوجة والأبناء باعتباره (رب الأسرة) وبالتالي هو الولي والوصي الطبيعي على الأطفال، وحرِم الأم من أي حقوق مرتبطة باتخاذ القرار المشترك بالنسبة للأولاد بغض النظر عن حالة الزوجية واستقرارها من عدمه، فحرَم الأم من حقها في (استخراج شهادة ميلاد للطفل دون اللجوء -في حالة امتناع الأب عن إصدار شهادة الميلاد- إلى تقديم بلاغ للقسم وأخذ ما يعرف بالقرار الذي يُمكّنها بموجبه استخراج شهادة الميلاد، التعامل مع المؤسسات التعليمية إلا بلجوءها للمحكمة للحصول على الولاية التعليمية بعد إثبات تعنت الأب أو غيابه وبعد منظارة الأبناء من قبل القاضي، التعامل مع البنوك وغيرها من القرارات اليومية الضرورية التي تشكل تفاصيل الحياة اليومية للأطفال والأم معًا.
وقد أثار المجتمع المدني منذ سنوات موضوع الولاية كأحد أولويات القضايا الخاصة بموضوعات الأحوال الشخصية، والتي تعاني ملايين النساء والأطفال بسبب العوار والتمييز القانوني الذي يحرِم الأم من أي شكل من أشكال الولاية والحق المتساوي في اتخاذ القرارات المتعلقة بالأبناء سواء أثناء حياة الأب أو بعد الوفاة.
يستدعي الأمر دائمًا لجوء النساء للمحاكم للحصول على حقهن في اتخاذ ما يلزم من قرارات تخصها وتخص الأبناء مهما كانت بديهية أو شديدة الأهمية كالتقديم للمدارس أو إجراء جراحة لأحد الأطفال.
ويأتي القانون في حالة وفاة الأب ليعطي الحضانة الوجوبية للأم والتي تضمن الرعاية اليومية، لكنه يعطي الأولوية للجد في الولاية على المال حال حياته مقدمًا على الأم، وبالمخالفة للدستور المصري الذي ينص على المساواة بين الجنسين.
بالتالي نحن نحتاج إلى تشريع جديد ينظم مسائل الولاية على المال ويتوافق مع دستور 2014 وتعديلاته لسنة 2019، قانون يراعي التطور الاجتماعي والمسؤولية التي تتحملها الأم بالكامل من رعاية وتربية وحماية في الوقت الذي يتخلى الجميع تقريبًا عن الأسرة، ويصبح حرمانها من القدرة على اتخاذ القرارات المصيرية للأبناء بمثابة عنف نفسي تعيشه الأم يوميًا.
يجب أن يحمي قانون الولاية المصلحة الفضلى للطفل حيث تجتمع الحضانة والولاية والوصاية في يد شخص واحد وتحت مراقبة مؤسسات الدولة التي يجب أن يمثلها مجالس متخصصة وأشخاص مدربون للتعامل مع الأطفال والأمهات وليس فقط قانونيين يمثلون وزارة العدل.
لقد نص الدستور المصري على المساواة بين المواطنات والمواطنين، كما أن المساواة داخل الأسرة في اتخاذ القرار بالنسبة للأطفال جزء من الالتزامات الدولية لمصر التي تنص عليها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) واتفاقية حقوق الطفل، وعليه فقد آن الأوان لتغيير التشريعات المتعلقة بالولاية على المال والنفس بما يتناسب مع الدستور المصري والآليات الدولية.
يجب على مصر اللحاق بركب الدول التي قامت بتغيير قوانين الولاية وآخرهم المملكة العربية السعودية والتي عدلت القانون من أربع سنوات لتصبح الولاية للأب والأم بالنسبة للأطفال القصر.