منذ البداية، أول خطوات الحياة، تنشأ النساء على أن لا مساحة خاصة لهن. في نفس الوقت يتربى الطفل الذكر على الاستحقاق منذ أول أيام حياته بصفته “راجل البيت” أو “ولي العهد” أو “المسؤول”…كلها صفات مستحقة يُمارسها الطفل الذكر كتمرين مبدئي على أخواته الفتيات أو حتى والدته التي قد يتدخل في ملابسها حين يصير مراهقًا!
فكرة الخصوصية للفتيات والسيدات في سواء في منزل العائلة أو بيت الزوجية أو منزل مستقل تعد حلم مرفهة ومترف جدًا.
وسط العائلة، لا خصوصية لأفعال الفتاة سواء صغيرة أو مراهقة أو شابة. لا مساحات خاصة، لا مكالمات شخصية، لا كلمة سر على جهازها الشخصي، وربما حتى لا حرية في غلق غرفتها التي قد يتم اقتحامها في أي وقت، دون مراعاة أن هناك مراهقة قد تكون بصدد تغيير ملابسها داخل غرفتها الخاصة!
يحدث هذا تحت بند التربية، مع تجاهل مشاعر المراهق ورغبته في مساحة خاصة يحاول فيها تشكيل أفكاره وشخصيته.
في مراحل عمرية متقدمة، يُطالب الأخ الذكر أو الأب أو أي ذكر من العائلة بتفتيش جوال الفتاة حتى تعتاد الأمر بكونه تصرف طبيعي، بل يتم اقناعها أن هذا لصالحها وخوفًا عليها؛ كأي كائن معدوم الأهلية!
تحلم الفتاة بتغيير محوري ونوعية حياة أفضل مع شريك الحياة الذي قد يفاجئها بمجموعة أوامر جديدة تحت دعوى الحماية لكي يستمر معها: احذفي زملائك الذكور من حسابات التواصل الإجتماعي، أعطني كلمات السر الخاصة بكِ، ارتدي هذا ليس ذاك، اتركي العمل…ألخ.
كلها أمور قد تبدو صغيرة إلا أنها تستمر في انتهاك حق النساء في الاختيار حتى تعتاد الانتهاك بالكامل وتصبح بدورها راعية له ومدافعة عنه.
أما في حال قررت التنصل ولو قليلًا من ضغوطات منزل العائلة والسكن بمفردها؛ يتدخل الجميع حرفيًا في سير حياتها من أول حارس العقار لسائق المواصلات أو حتى بائع في السوبرماركت!
الجميع يتدخل ويبدي رأيه ويتدخل بحُجة النصح والتقويم؛ تمامًا كما لو كانت طفلة غير مسؤولة عن أفعالها!
مع كل هذا الاستحقاق و التضييق والمطاردة يندهش الرجال حين تُطالب النساء بحقها في الخصوصية، مساحة خاصة لها وحدها.
تصبح المطالبة بوقت خاص أو الاعتراض على انتهاك خصوصية الأجهزة المحمولة أو رفض مشاركة صور خاصة بين الشركاء مسار اعتراض وتجهم.
ولا نزال نتعجب من حوادث العنف ضد النساء وتفتيش متعلقاتها الشخصية وصولًا لجرائم الاحتجاز أو القتل تحت دعوى الشرف ونحن مازلنا نتعامل مع انتهاك خصوصية النساء ومعاملتهن ككائنات أقل بأريحية وتطبيع!
شاركونا التوقيع لتمرير القانون الموحّد لمناهضة العنف ضد النساء في مصر من هنا: