الكوتا للنساء/ لماذا يقل عدد النساء في مراكز القرار ؟

العدد الثاني عشر من مجلة طيبة .. النساء والعلوم
يونيو 13, 2009
المملكة العربية السعودية: وعود حقوق المرأة لم يتم الإيفاء بها
يوليو 9, 2009

مركز مساواة النساء
سوزان عارف

إن مفهوم المشاركة السياسية يشمل النشاطات التي تهدف إلى التأثير على القرارات التي تتخذها الجهات المعنية في صنع القرار السياسي (كالسلطة التشريعية والتنفيذية والأحزاب . وتأتي أهمية المشاركة السياسية في هذه الأشكال المختلفة في مواقع صنع القرار ومواقع التأثير في كونها تمكن الناس من الحصول على حقوقهم ومصالحهم أو الدفاع عنها، الأمر الذي يعطيهم في النهاية قدرة التحكم بأمور حياتهم والمساهمة في توجيه حياة المجتمع بشكل عام .

وتكمن أهمية المشاركة السياسية للمرأة في المستويات المختلفة لصنع القرار في كونها تتيح للنساء المشاركة بشكل فعال في تخطيط السياسات وتوجيهها بشكل يخدم فكرة المساواة ليس بين الجنسين فحسب بل بين جميع المواطنين بشكل عام . وان فكرة المساواة بين المواطنين جميعاً، هو تجسيد حقيقي لمفهوم المشاركة الذي يعتبر الأساس الموضوعي للممارسة الديمقراطية.

ما زالت مشاركة المرأة السياسية تحتاج الى عمل جاد, ولذا فان من أولويات العمل هو تأهيل المرأة لخوض المعترك السياسي. فهل يحل نظام الحصص المشكلة ولو مؤقتا ؟

إن هذا النظام ليس معمولا به في الدول العربية فقط وإنما هنالك العديد من دول العالم تأخذ بنظام الحصص للمرأة من خلال أشكال مختلفة من التطبيق منها ما ينص عليه في دستور الدولة ومنها ما بنص عليه في لوائح الوزارات وهناك النسبة التطوعية التي تتبناها بعض الأحزاب السياسية عند ترشيح النساء في قوائم الانتخابات. لكن هذه النسبة لا تكفي لضمان حق النساء في المناصب العليا. ان نظام الحصص يعتبر مرحلة
ضرورية في إصلاح أوضاع المشاركة النسائية في الحقل السياسي الوطني لأنه يعتبر الية وليس هدفا في حد ذاته ومن خلاله نسعى الى التطور التدريجي لمساهمة النساء على كافة مستويات مراكز القرار الإداري والسياسي.

قد يحدث في بداية تطبيق قانون تخصيص مقاعد للنساء ان تصل للمقعد من لا تستحقه ولكن هذا لا يجعلنا نتراجع عن المطالبة بتلك النسبة لان مشاركة من ليست على الكفاءة المطلوبة يمكن إن يجعلها تتدرب على هذه المناصب التي ظلت بعيدة عنها مما يكسبها قدرا كبيرا من المهارات المطلوبة

تحديد نسبة من المقاعد للنساء هو إيمان حقيقي بأهمية دور المرأة ورغبة صادقة في ان تتم مشاركتها في العمل السياسي بتأن وعلى نحو تدريجي مقبول لدى المجتمع. انها خطوة مرحلية جيدة لتدريب المجتمع ككل, نسائه ورجاله على ان وجود المرأة في الحياة السياسية التشريعية والتنفيذية امر طبيعي وضروري.. وعندما يقتنع المجتمع بذلك ويتجاوز المعوقات النفسية والاجتماعية التي تحول دون تقبل المرأة المجال السياسي
سيرشحها وينتخبها تلقائيا وبالتالي تنتفي الحاجة الى هذه الخطوة المؤقتة“

الجميع يؤكد ضرورة نظام الكوتة.. والنظام موجود فعلا في عدد من الدول.. فهل كانت نتائجه إيجابية؟ ولماذا تحتاج له المرأة أصلا؟ هل هذا لنقص في قدراتها؟ أم لضعف في اتقان فنون اللعبة السياسية؟ أن نظام الكوتة غير كاف خصوصا أنه لا يصل إلى نسبة معقولة.

محدودية النساء في البرلمانات والمراكز السياسية القيادية يعود إلى عوامل ذاتية ملتصقة بالمرأة لأن العديد من النساء لا يكون لديهن الاستعداد المطلوب لخوض هذا النوع من المغامرات.. إضافة إلى افتقار التربية التي تتلقاها المرأة للمهارات السياسية والتي تؤهلها لدخول التجربة الانتخابية.إذا كانت المرأة تنقصها مهارات العمل في المجال السياسي فإنها تكتسب عادة وتصقل بالممارسة. والمرأة في معظم المجتمعات العربية لم تشارك بشكل واضح في صنع القرار السياسي لأن معظمها ما زال يعتبر السياسة ساحة الرجال لكن يجب ألا نغفل أنها تشارك بشكل غير مباشر في اختيارات وقرارات لها انعكاسات سياسية وتؤثر في شكل المجتمع وفي الأجيال القادمة ومسيرة التنمية.

أن قلة الوجود النسائي في الشارع السياسي حدث بسبب نقص المهارات لدى النساء، : “ليس كل من يعمل بالسياسة يحمل شهادات تخرج من العلوم السياسية.. فالسياسة علم ناتج عن تجربة والسياسة هي هوية الشارع.. وبالتأكيد يحتاج السياسي إلى نوع من الصقل ومهارات ترتيب الأفكار والخلفية التاريخية.. والمرأة ستصقل مهاراتها بالتجربة وإن بدأت من أصغر نقطة”.أن عدد النساء القادرات على تولي المناصب القيادية قليل قياسا بنسبة الإناث ولا يمتلكن المؤهلات التي يحتاجها المركز السياسي ولكنها تشير إلى أن المجتمع يعاني من قصور في التعامل مع المرأة، فهناك من يرى أنها غير قادرة على اتخاذ القرار الحاسم إذا لزم الأمر كونها تميل إلى عاطفتهاونرى أن عدم فوز المرشحات من النساء في الانتخابات راجع لاعتبارات تتعلق بالموروث العشائري الذي يحكم قبضته على الإنسان الشرقي. ولن يتغير الوضع في رأيه ما لم تتغير النظرة النمطية الموجودة عن المرأة.

معوقات وتحديات :
الجميع يؤكد على أن المرأة في الميدان السياسي وفي المراكز القيادية تواجه كماً من المعوقات فما هي؟
عدم الوعي لدى جماهير النساء بأهمية دورهن في العمل السياسي
عدم اقتناع النساء بضرورة تأييد المرشحات والعمل لهن على نطاق الجماهير الواسعة
عدم اهتمام الدول بوضع استراتيجيات لتشجيع النساء وعدم تبني التنظيمات النسائية وبعض المجالس النسائية لأولوية وصول المرأة إلى مراكز القرار

تدابير مقترحة
النساء حددن المشكلة ووضعن أيديهن على العلة.. فما هو العلاج؟
لا بد من البدء بسياسة حكومية خاصة تعمل على اشتراك المرأة في العمل السياسي. واعتماد كوته نسائية لا تقل عن 30% من مراكز القرار التشريعي والتنفيذي كمرحلة انتقالية من أجل إحداث الصدمة الإيجابية اللازمة ومن ثم يكون هناك تطبيع تدريجي لإلغاء نظام الكوتة حيث إن مبدأ تخصيص الحصص ليس فيه الكثير من الديمقراطية. لكن تطبيق هذا المبدأ لا بد أن يتزامن مع عمل الهيئات النسائية للقيام بحملات لتوعية
النساء بضرورة المشاركة الفعلية في العمل السياسي وعلى الخصوص ممارسة حق الاقتراع والترشيح”.أن مشكلتنا هي عدم وجود تأهيل أو تدريب للنساء للعمل السياسي أو الخدمة المدنية.. وإن لم يبدأ هذا التأهيل من الصغر فلن يجدي. والحل يبدأ بالديمقراطية التي يجب تعليمها للطفل.. فترتكز أسسها في ذهنه منذ نعومة أظافره

على عاتق المرأة
بوسعنا أن نتعلم من تجارب الآخرين ممن سبقونا في هذا المجال.. وبشكل عام فإني أرى أن العبء الأكبر من الجهود المطلوبة لزيادة مشاركة المرأة وتعزيز دورها في الحياة السياسية يقع على عاتق المرأة ذاتها.. فعلى الرغم من أنها كانت قريبة من المجتمع والقواعد الشعبية بحكم ممارستها للعمل الاجتماعي إلا أن المجتمع يتردد في إتاحة الفرصة لها للمشاركة السياسية.بالتأكيد هي قادرة على المشاركة في اتخاذ القرار السياسي بشكل مباشر ولا ينقصها سوى التخلص من الأمية السياسية والوعي بأهمية دورها. ولا بد أيضا من العمل على تغيير الصورة الذهنية لدى المجتمع.

ان المجتمع يستمد قوانينه من الموروث الاجتماعي الغارق في العادات والتقاليد والنظم التقليدية ولا يعترف بما حققته المرأة.. ويراها غير قادرة على امتلاك زمام الأمور القيادية ولذلك يجب أولا تغيير النظرة النمطية عن المرأة

السياسات والإجراءات
1-توفير الدعم اللازم من قبل القيادة السياسية للمرأة لتمكينها من الوصول
إلى مراكز صنع القرار.
2- تشجيع الأحزاب السياسية على إشراك المرأة في مختلف الأطراف القيادية.
3- دعم وتشجيع تمثيل المنظمات غير الحكومية النسائية في المؤتمرات الدولية.
4- التوعية المجتمعية بأن وصول المرأة إلى مراكز اتخاذ القرار حق من حقوقها
الشرعية.
5- إعداد قاعدة بيانات عن المرأة ومؤهلاتها لاستخدامها في تعيين النساء في
المناصب العليا.
6- تنمية المهارات الإدارية للنساء عن طريق التدريب وإعادة التدريب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.