وسط كل هذا الظلام في المنطقة وتزايد العنف الموجّه ضد النساء وخاصة اللواتي تعملن في المجالات العامة، ومن قلب منطقة تشهد صراعات متأججة ودموية وظهور غير مسبوق للتنظيمات الدينية الخارجة عن نطاق الدولة من ناحية، وإقفال للمجالات العامة والتضييق على الحريات ومنظمات المجتمع المدني ورفض لخطاب حقوق الإنسان من قبل اغلب مؤسسات الدولة من ناحية أخرى، يطلق التحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان حملة #هي_مدافعة والتي تهدف إلى تسليط الضوء على عمل المدافعات في المنطقة والقضايا التي يعملن عليها والانتهاكات التي يواجهونها والتعريف بهن ودعوة الفاعلين\ت والمهتمين\ات والرأي العام المحلي والإقليمي والعالمي إلى تقديم المزيد من التضامن والدعم والحماية الى المدافعات في المنطقة.
إن المدافعات في شمال أفريقيا والشرق الأوسط والخليج تعملن على قضايا شديدة التنوع وشديدة الأهمية في مجال حقوق الإنسان، ففي مصر تعمل المدافعات على تغيير قوانين الأحوال الشخصية والدفاع عن حق النساء في المشاركة السياسية وتنشطن بكل ما لديهن من قوة لمواجهة العنف الجنسي في المجال العام ورفض التعذيب في السجون والعمل على تقديم الخدمات للناجيات من العنف الجنسي ولضحايا التعذيب، كما تعملن على توثيق كل هذه التجارب ومشاركة العالم بها، وكل ذلك وسط اقفال تام للمجال العام في مصر واستهداف للمنظمات المصرية واغلاقها وفرض منع من السفر على المدافعات والمدافعين والعمل على عزلهم عن محيطهم الإقليمي وعن الرأي العام الدولي.
وفي الخليج تعمل المدافعات وسط حرب على اليمن من جهة وتقاتلن طائفية مسلحة من جهة أخرى، كما تعملن على محاربة زواج القاصرات والتحرش الجنسي ويواجهن بسبب ذلك الكثير من التهديدات بالقتل والعنف الجنسي من قبل المجتمع من جهة ومن قبل المليشيات المسلحة من جهة أخرى. وتتعرض الكثيرات منهن لمنع من السفر وادراج اسمائهن على اللوائح منع من السفر. وتتعرض المدافعات في السعودية إلى حملات تشهير بسبب مطالبتهن برفع قانون الولاية على النساء والذي يعطي صلاحية قانونية للرجال على النساء فيما يتعلق بالحق بالسفر أو العمل، وقد اضطرت الكثيرات منهن لمغادرة البلاد والعيش في المنفى. كما تعمل المدافعات في البحرين على الحق بحرية الرأي والحرية الدينية وضد الاعتقالات التعسفية ومنع السفر الذي يطال المدافعين والمدافعات في البحرين.
وفي الشرق الأوسط تعمل المدافعات على الحق بالمشاركة السياسية للنساء والتمثيل العادل والحق في منح الجنسية والحق في الأوراق الثبوتية والحق في تشكيل نقابات عمالية والحق في الأرض وغير من القضايا التي من شأنها الحفاظ على الكرامة الإنسانية، ويواجهن انتقدات لاذعة من المجتمع المحلي الأبوي ومن قبل مؤسسات الدولة التي تشهر بهن أو تتجاهل مطالبهن كونهن نساءً.
تنوع القضايا التي تدافع عنها النساء في المنطقة تعكس إصرارا واضحا من النساء على التواجد في المجال العام وعلى تطوير خطاب حقوق الإنسان في المجتمعات المحلية وضمن مؤسسات الدولة. غير أنهن قلّما يحصلن على التضامن أو الدعم من قبل المجتمع أو مؤسسات الدولة، بل يتم استهدافهن عقابا لهن على كسر الأنماط الجندرية أو تجاهلهن لأنهن نساء، وبطبيعة الحال وفي الغالب يتم توجيههن للانخراط في قضايا تعتبر أكثر مناسبة لهن- إن لم يطلب منهن ترك المجال العام أصلا -كونهن نساءً. إن المدافعات من منطقة تعشن حالة من التهميش والتغييب ووسط تزايد العنف والتغيرات الواقعة في المنطقة، تبقى المدافعات عرّضة للتنكيل والتهميش والاستهداف، كما لا توثّق تجاربهن ولا يتم الإشادة بدورهن ولا يتم تعزيزه لأنه لا يحتل الأولوية عند مؤسسات الدولة بسبب انشغالها بمحاربة الإرهاب، ولأن أغلب دولنا لا تزال تنظر إلى المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان بعين الشك والحذر وأيضا بسبب القيم الابوية التي تجعل من انخراط النساء في المجالات العامة أكثر صعوبة.
بسبب كل هذا وأكثر، تنطلق حملة #هي_مدافعة لتروّج عمل المدافعات وتؤكد على التضامن بين المدافعات عن حقوق الإنسان وإصرارهن على الدفاع عن حقوق الإنسان في وقت ومنطقة يسيطرعليها العنف وتغيب عنها الإنسانية.
نقلاً عن التحالف الاقليمى للمدافعات عن حقوق الانسان فى الشرق الاوسط و شمال افريقيا