يعد هذا التقرير نقطة تحول في تاريخ المجتمع المدني المصري ،حيث ينتقل في ممارسات من حدود الدور الخدمي الذي ظل يمارسه منذ بدء نشأة الجمعيات الآهلية في منتصف القرن التاسع عشر الى آفاق دور جديد في الدفاع عن الحقوق والمشاركة في اتخاذ القرار ،وهو الأمر الذي يتواكب مع الاتجاه الدولي المتنامي الذي يستدعي دور فاعل للمنظمات غير الحكومية في التنمية المستدامة،وقد عبرت المؤتمرات الدولية فى العقد الأخير بشكل متصاعد عن ذلك النهج من خلال التوصيات وبرامج العمل الصادرة عنها وأحالت مسئولية تنفيذها الى من أسمتهم بشركاء التنمية (الحكومة-المجتمع المدني-القطاع الخاص).
ويجدر التنويه الى ان اعداد هذا التقرير قد تم من خلال الخبرة والممارسة العملية للجمعيات المشاركة فى متابعة الأتفاقية الدولية لإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة والتي تعمل في مجال تنمية المرأة مستعينة فى ذلك بالاحصاءات والمصادر الوطنية المتاحة وكذلك الدولية وذلك عبر أثنى عشر ورشة عمل منذ سبتمبر 1998و حتى إبريل 2000 دار خلالها الحوار وفق تفاعل ديمقراطي بين كافة المشاركين و المشاركات ، مستهدفين توسيع دائرة الحوار حوله في مرحلة ثانية على مستوى مئة و عشرين جمعية أهلية في الوجهين القبلي و البحري .
و يركز التقرير على رصد جميع أشكال التمييز ضد المرأة سواء في التشريعات أو السياسات أو الممارسات المجتمعية ، و يطرح التدابير و الاجراءات التي يعتقد انها كفيلة بازالة كافة أشكال التمييز القائمة في الواقع المصري ، الامر الذي يمهد لاطلاق طاقات النساء في تنمية المجتمع ، و يعمل على تمكين المرأة اقتصادياً و اجتماعياً و سياسياً و ثقافياً و صحياً و تعليمياً .
و رغم العديد من الخطوات و الاجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية بهدف ازالة بعض أشكال التمييز القائمة ضد المرأة حيث قامت بتعديل عدد من التشريعات ، و تغيير بعض المناهج التعليمية ، فضلاً عن تخصيص مساحة أوسع في الاعلام لتناول قضايا المرأة ، إلا أن الحاجة لا زالت ملحة لاتخاذ مزيد من التدابير و الاجراءات في هذا الاطار ، و هو الامر الذي دعا السيد رئيس الجمهورية لاصدار قرار بشأن آلية جديدة و هي المجلس القومي للمرأة كجهة رسمية تختص بقضايا المرأة و تهتم بوضعها على جدول اعمال كافة أجهزة الدولة و مؤسساتها, و تأمل المنظمات غير الحكومية أن يمثل هذا الاجراء خطوة في اتجاه تصدي أعمق و أوسع لهموم المرأة المصرية و للتمييز القائم ضدها