عفاف السيد
أنزوي خلف الدرج، تهوى العصا على حافة كتاب الدين، تتشنج يد الأستاذ على كتفي، المعراج سُلُّم من نور يخترق السماء، أصعد السلم ودمعات جفت في روحي، سوف نموت ويلتقمنا الجحيم، إنني أكذب على أمي دائماً، أحكي لها عن بطولات زائفة، في حصة الحساب ضربنا وقسمنا وجمعنا، أنا الأسرع دائماً، صفق لي الفصل كله ثلاث مرات، أكذب على أمي وأقسم أني أكلت، أجمع قروشي في يد البائع وأحتضن المجلة ، أقرأ قصائده، أكذب وأنا على مشارف السماء الأولى، أسحب أنفاسي حتى يختفي صدري، رجوتها بالأمس أن تجتث جديلتي وأن تخفيني داخلها، لم تفهم، أنا لست مجنونة، كان يزجرني وأنا ألعب الكرة مع الصبيان، وأقسمت له أني لا أعرف الأرقام، لكنه ضربني، ومع ذلك لم أحفظ الجدول وكذبت على أمي
.
يضربني الأستاذ رغم أني خبأت صدري بعناية، ولممت شعري جيداً، أتهاوى، ينثر قصائده في روحي كي أعيش، سوف أخونه ولن يجد مبرراً لتعذيبي، ينزلق جسدي من الوعي إلى متاهات محتملة، معلقة من شعري بين سماءين، رائحة الدم تستبيح ألمي، أمسد رأس الضفدعة فلا تحرك عينيها عن نظرة عتاب جارحة، لها ملامح استسلام دون ضجيج، تنبثق رائحة الدم وأنا أعدو مذعورة عبر سماوات موغلة في العذاب، أحتمي بعينيه، يصفعني، في وجهي أخاديد للذكرى كانت أصلاً صالحة للدموع، يغرس إصبعي في جدارات القلب، أخترق الأذين وأتجاوزه إلى البطين، أدفع الصمامات بالعكس وأبكي، يسيل الدم في حصة الأحياء، أخور في انبثاقات الرائحة التي تنخر استسلامي، يتناثر جسدي بين قصائده، باردة الدماء والدموع، والقلب ينفجر على باب السماء الأولى، ليس على الجدران دم، لن تحيض النساء وهن معلقات ولن يكذبن، يتدلى نثاري مفعماً بالألم والرجاء، لن أدق المسامير في الأرجل وأثقب القلب بالمشرط ، يغرس تهكمه في خوفي، الدماء باردة للغاية، ولم تغلق الضفدعة عينيها ولم تهرب من حصة الأحياء، يأخذني في حضنه الدافئ ولا أغلق عينيّ، قلب حبيبي ثقبته القصائد والنساء، وروح حبيبي لن تصلح للاستمرار، يفرد قصائده في عمري فلا أرى سلم النور، أظل معلقة من روحي،يضعني بكل بساطة في كافة الاحتمالات إلا الهروب من كذبه، عبر موقف صغير أحب امرأة لا تكذب وتركني تائهة بين السماوات ، لم يدرك إمكانية تجاوزي كل الترتيبات ، الاختراق سمة محرمة، وأنا شققت” السدرة” ومن عشقه ارتويت، ولكني أكذب دائماً وأنا موقنة بقدراتي، وبأني لم ألملم جسده من العبارات، وربما أتلوه بين الآيات وأكذب وأنا مدركة أني لن أمر بالسماء الأولى أبداً، سأهرب لدروب رسمها جنوني في فجوات نسيها الله، سيهرب قلبي من تحت النهد الأيسر إلى متاهات الخلايا ولن يعرف الأستاذ أني وأدت أنوثتي وعدت نعجة لا يعنيها الصعود على سلم النور، ترتل السور القصار ويرعبها صوت العصا، وكان الأستاذ يجرجرني مع حركة الزمن،وعيناي مثبتة على كذبة الأرقام، ورائحة الدم المجدولة في حصة الأحياء، انكمش على عشقي وهو يقول إني فأرة مهذبة ويجذب شعري، أتمنى أن ينفصل رأسي وأسترسل بين السماوات، لكني محصورة بين ادعاءات عشقه، سوف نعلق من نهودنا لأننا نساء، قال إني بخمس نساء وإني دافئة، رجوت أمي أن تجتث جديلتي الكستنائية، لكنها كانت تعلم أني اكتشفت الفجوات فلم يشغلني أمر حبيبي وهو يرتع بين الحور الأبكار.
يتكئ الأستاذ على أريكة زيفه ويدعوني، أشبه نعجة سائبة، وأكره الأرقام، وحبيبي يمضي نحو الدوائر المفرغة ويضحك عالياً وأنا أذكره بوعده وكان يزيح بكارتي ويمرق إلى الجنة، استباح جسدي كثيراً وأراد المكوث لأطول فترة ممكنة فسحق روحي متعمداً وأرغمني على الانزواء فيما بينه وبين الألم، وأغمض عينيه الكاذبتين وضحك، ودائماً أصرخ ولا أعود مثلهن، وأكذب على أمي، وأحب الضفدعة، يضغط الأستاذ على كتفي ويرشق العصا في قلبي، كل أهل النار نساء، سأحتمي بأمي وأبكي، لن أكون امرأة أبداً، في السماء الأولى سوف تعلق النساء ويكشفن النهود ويصرخن، لكن الرجال الكاذبين دائماً يتكئون على الأرائك وحدهم وأنا متعبة للغاية ومحصورة بين سماءين بلا مبرر، أبكي في حضن حبيبي وأنثني تحت الدرج، أخبئ أوردتي من الأستاذ وأقرأ السور القصار، أربّع يديّ وأنا أقرأ وأغمض عيون قلبي وأكذب، لكنه كمش صدري فلم يجد القلب الذي انزوى بين القصائد والحنين، وتمدد حبيبي بين الحور ولم يتلق جسدي المنهوب وأنا أتداعى بأثر رجعي، ويجف دمي على حواف السماوات فتنغلق صمامات القلب، تتشظى روحي بين الحنين والفقد، ويعدن أبكاراً فلا يكتب حبيبي القصائد أبداً، ولا يجد مبرراً يلملم به جسدي الذي تناثر بين الآيات