ما بعد المائة يوم للرئيس محمد مرسي مؤشرات سلبية على مستقبل حقوق الإنسان، وأزمات كبرى مفتوحة

إخلاء سبيل شاب وفتاة اتهما بازدراء الأديان بكفالة مائة جنيه وحرية الفكر والتعبير تطالب بوقف محاكمات الكلام
أكتوبر 21, 2012
تصدير القمع… البحرين تحاكم ناشط لحقوق الإنسان لعمله مع الأمم المتحدة
أكتوبر 21, 2012

بعد مائة يوم من حكم الرئيس محمد مرسي مازالت قضايا حقوق الإنسان خارج دائرة الاهتمام، ومحل انتهاك السلطات في الدولة، رغم ما يحظى به الرئيس الحالي من سلطات تشريعية وتنفيذية ربما لم يحظ بها رئيسًا من قبله. إلا أن غياب قضايا حقوق الإنسان عن خطة الرئيس للمائة يوم، وغيابها أيضًا عن ممارساته وسياساته على مدى تلك الفترة، حال دون وقف العديد من الانتهاكات والتعديات علي تلك الحقوق، بل كان ذلك مصدرًا لثلاث أزمات كبرى.

جاء ذلك في تقرير أصدره مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان اليوم، حول حقوق الإنسان في المائة يوم الأولى للرئيس تحت عنوان مؤشرات سلبية على مستقبل حقوق الإنسان، واستجابات محدودة وليدة اللحظة والضغط، تناول التقرير أبرز الأزمات والوقائع المتعلقة بقضايا الحريات وحقوق الإنسان، وكذا أهم قرارات وتحركات الرئيس ذات الصلة بحالة حقوق الإنسان خلال المائة يوم الأولى لحكمه، مقدمًا تحليلاً لكيفية تعامل مؤسسة الرئاسة مع تلك الأزمات، ومقترحًا عددًا من التوصيات لتدارك الأزمات التي تفجرت خلال المائة يوم، والتي يخشى من تفاقمها في المستقبل.

كشف التقرير عن عدم امتلاك الرئيس لتصور واضح بشأن قضايا حقوق الإنسان، حيث أنه لم يتطرق لهذا الملف الحيوي في خطته المعلنة للمائة يوم الأولى لحكمه، ولم يحاول الاستفادة من المبادرات المطروحة في هذا الصدد لمواجهة تلك المشاكل والتعامل معها، ومن بينها خطة المائة يوم التي قدمها له ملتقى منظمات حقوق الإنسان المستقلة، في أول يوم له في منصبه، ولذا فإن الخطوات الإيجابية المحدودة جاءت إما استجابة لضغوط شعبية واسعة، أو لتجنب إحراجات بالغة، ولم تنم عن خطة مدروسة وشاملة لتحسين حالة حقوق الإنسان.

فقد أصدر الرئيس محمد مرسي قرارًا بتشكيل لجنة لمراجعة وضع من صدر ضدهم أحكام من محاكم عسكرية أو مدنية والمعتقلين من قبل وزارة الداخلية، وقد أدى ذلك للإفراج عن عدة مئات منهم. كما شكل لجنة “لجمع المعلومات والأدلة لتقصي الحقائق بشأن قتل والشروع في قتل وإصابة المتظاهرين السلميين. كما قرر الرئيس العفو الشامل عن مرتكبي بعض الجرائم التي ارتكبت أثناء ثورة 25 يناير، ويستفيد من ذلك عددًا أكبر. ورابع هذه الخطوات، هو قرار رئيس الجمهورية بتعديل قانون الصحافة، والذي بموجبه أُلغي تدبير الحبس الاحتياطي في جريمة سب رئيس الجمهورية، وهو القرار الذي صدر في مساء اليوم الذي قررت فيه إحدى المحاكم حبس رئيس تحرير جريدة الدستور احتياطيًا على ذمة القضية. وبذلك تجنب رئيس الجمهورية في اللحظة الأخيرة أن يسجل التاريخ حبس رئيس تحرير خلال الأيام الأولى لحكم أول رئيس منتخب بعد ثورة 25 يناير.

انتقد التقرير محاولات وزارة الداخلية إعادة إنتاج حالة الطوارئ، سواء بالدعوة الصريحة للعودة إلى قانون الطوارئ، أو باقتراح قوانين مقيدة للحقوق والحريات تتوسع في السلطات الممنوحة للشرطة لقمع المواطنين. كما أبدى التقرير أيضًا تخوفًا بشأن زيادة معدل قضايا التعدي علي حرية المعتقد وحرية التعبير تحت دعوى ازدراء الأديان أو التعدي علي دين معين، مستعرضًا مجموعة من القضايا وثيقة الصلة بهذا الشأن، بالإضافة إلي ما تعرض له أقباط دهشور ورفح من تعديات وتهجير قسري.

اعتبر التقرير أن ما تعرضت له وسائل الإعلام من ضغوط وتحقيقات ومحاكمات وأحكام في المائة يوم الأولى للرئيس محمد مرسي، وكذلك محاولة استحداث آليات جديدة للسيطرة والهيمنة لإحلال حزب حاكم جديد محل القديم، مع الإبقاء على ذات قيود عهد مبارك على الإعلام، ربما يؤدي إلى تدهور أكبر مما كان عليه في ذلك العهد.

تناول التقرير أيضًا أوضاع المنظمات الأهلية والنقابات العمالية، وانتقد مواصلة حكومة الرئيس مرسي تقاليد سياسات وممارسات نظام مبارك، في معاداة النقابات المستقلة والمنظمات الأهلية، والسعي لإحلال الحزب الحاكم الجديد محل القديم في السيطرة على الاتحاد العام للعمال، ولاستصدار قانون أكثر تقييدًا للمجتمع المدني من قانون مبارك للجمعيات الأهلية، واستئناف الحملات الإعلامية ذات الطابع الأمني على المجتمع المدني.

أوضح التقرير أن المائة يوم الأولى شهدت ثلاث أزمات كبرى وثيقة الصلة باحترام حقوق الإنسان. أولها يتصل باحترام استقلال السلطة القضائية وأحكام المحاكم، وذلك حين قرر رئيس الجمهورية صرف النظر عن حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب، ثم إقالة النائب العام بالمخالفة لقانون السلطة القضائية. ثاني الأزمات مع الصحفيين والإعلاميين. وثالثها مع حركات الاحتجاج السلمي، خاصة مع تكرار قيام أنصار وأعضاء حزب “الحرية والعدالة” بالتحرش والاعتداء العنيف على المتظاهرين المعارضين، وعلى الإعلاميين الناقدين أمام مدينة الإنتاج الإعلامي، وعلى رافعي قضايا في المحاكم ضد ممارسات محددة تناصرها جماعة الإخوان المسلمين. وهي أزمات ما زالت مفتوحة، ومن المحتمل أن تتفاقم بصورة أكبر، ما لم يبادر رئيس الجمهورية ببلورة معالجة شجاعة وشاملة انطلاقًا من مبادئ حقوق الإنسان وسيادة القانون والتزامات مصر الدولية وثيقة الصلة.

من خلال قراءة متفحصة لممارسات حقوق الإنسان خلال المائة يوم، أعرب التقرير عن مخاوف أن تتعرض عدد من الحقوق الأساسية لاعتداءات أكثر جسامة في الفترة القادمة، وهي:

  1. الحق في التجمع السلمي، والممارسة الجماعية للاحتجاج السياسي والاجتماعي، مع احتمال تزايد مشاركة أنصار الحزب الحاكم في أعمال القمع، على النحو الذي حدث خلال المائة يوم وبعدها.
  2. الحق في تكوين الجمعيات الأهلية وممارسة نشاطها بحرية وفقًا للمعايير الدولية، مع استهداف خاص لمنظمات حقوق الإنسان.
  3. الحق في تشكيل النقابات العمالية المستقلة، والتعددية النقابية.
  4. الحق في حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين السنة، وحقوق الأقليات الدينية وغير الدينية.
  5. الحق في حرية الصحافة والإعلام وتدفق المعلومات.
  6. حقوق المرأة.
  7. الحق في محاكمة عادلة

اختتم التقرير بمجموعة من التوصيات بينها تعهدات ينبغي أن يقطعها الرئيس علي نفسه لحماية حقوق الإنسان، على رأسها التعهد باحترام مبدأ سيادة القانون، وأحكام القضاء، واستقلال السلطة القضائية. وكذلك إلزام الأجهزة الأمنية بحماية كافة أشكال الاحتجاج السلمي، بما في ذلك من اعتداءات أنصار وأعضاء الإخوان المسلمين.

المصدر: http://www.cihrs.org/?p=4523

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.