كتبت: لمياء لطفى
القلب الازرق
إحياءً للحمله الدولية لمنع الإتجار بالبشر
(أنا عملت عمليتين اجهاض بالعافية كانوا بيهددونى بالقتل لو مارحتش معاهم للدكتور.. مش عارفه اذا كنت هاشوف لى عيل واللا لا)، كان اسمها نسرين كانت وقتها حوالى 16 سنه، من احدى قرى الجيزه ، قابلتها سنة 2005، كنت ضمن مجموعة اتطوعت للمشاركة فى دراسة عن الأطفال مجهولى النسب، فى البداية قادتنا الى هناك احصائية صدرت عن وزارة العدل وقتها -وكان المكتب الاعلامى للوزارة زمان بيصدر بيانات بالقضايا وبيسمح للمجتمع المدنى بالحصول عليها- وكانت نتايجها ان قرى الحوامدية وطاموه والبدرشين فيها اعداد كبيره من الأمهات رافعين قضايا اثبات نسب على بحرانيين وكويتيين وسعوديين ودا حسب ترتيب عدد القضايا على ما أذكر، رحت الحوامدية وسعيت انى اقابل البنات دول علشان اوثق شهادات وارصد حالات ونقدم دعم قانونى واجتماعى، وكانت مقابلتى مع نسرين الناجية من الاتجار ومع عشرات غيرها قصصهم فيها كتير من التشابه وكتير من الوجع والمهانه، نسرين حكت لى مأساة من بداية الاتجار بها تحت مسمى الزواج فى سن 13 سنه بعقود عرفية لعرب وان الوسطاء عادة إما محامين وهمه اللى بيتولوا الإجراءات أو سائقين تاكسى، وقالت فى شهادتها (أنا مابطلقش بمعنى يعنى بيرمى عليا اليمين وينزل البلد وكدا) لكن بيسافر الراجل اللى قالوا انها اتجوزته وبتنقطع اخباره فبيعتبروها اتطلقت، (أو لو يعنى كان كريم بيخلى السواق يكلمنى ويقولى ان فلان جوزك طلقك)، ولما سألتها عن العدة مثلا قالت لى (مش باستنى عده لكن باستنى لغاية ما يبقى فيه فرصة “جواز” تانيه)، فى رأيى ان أحد المشاكل فى عملنا على هذه الظاهرة كمجتمع مدنى اننا حاربنا هذه الظاهرة تحت مسمى “زواج الصفقة” وسمحنا للتجار والوسطاء لجرنا (لشرعنة) لاعطاء شرعية ضمنيه لهذه الممارسه وهى اتجار وتسهيل العمل فى الجنس التجارى للقاصرات تحت ستار وجود عقود عرفية، وإن لم تكن هذه الشرعية قانونيه فعلى الأقل ستقلل احساس النفور والرفض الاجتماعى المطلوب لهذه الممارسه ، تعرضت نسرين والمئات وربما الآلاف غيرها للاتجار تحت مسمى الزواج من رجال يكبروهن بعشرات السنوات علاقة مؤقته غير مستقره مقابل مال يدفع لأهلها، تعرض بعضهن لعمليات اجهاض جبرى، وبعضهن تحملن مسئولية أبناء بلا نسب، بل وتم إجبارهن على تسجيل أبنائهن باسم الجد للأم أو الخال لصعوبة اثبات النسب للأب الطبيعى، هذا بعض ما عانت نسرين وعانى عشرات الناجيات.
منذ 2005 وحتى اليوم ورغم استجابة الدولة لضغوط المجتمع المدنى المصرى وحملات الضغط المحلية والدولية فى 2010 باصدار قانون 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر ولكن هذه الظاهرة لم تتوقف وربما لم تنحسر ولازالت تحتاج للكثير من الجهود
يزامن 30 يوليو اليوم العالمى لمناهضة الاتجار بالبشر ورغم صدور الاتفاقية الدولية لمنع تجارة الرقيق فى 1926 والتى تمت تحت رعاية عصبة الأمم المتحده، الا ان الاتجار اتخذ عبر السنوات العديد من الاشكال سواء الاتجار فى الأعضاء، الارغام على العمل فى الجنس التجارى، الاتجار بالقاصرات تحت مسميات عدة مقبوله قانونا كالزواج، وغيرها من أشكال الإتجار بالأشخاص، ورغم أن هذه التجاره يقع ضحيتها الملايين سنويا إلا أن النساء والأطفال هم الأكثر عرضة لهذا النوع من العنف ولذلك صدر عن الأمم المتحده بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالاشخاص وخاصة النساء الأطفال حيث بدأ السماح للدول بالتوقيع عليها فى 2000 وتم تفعيلها فى 2003 وفى 2009 دعى مكتب الأمم المتحده المعنى بالمخدرات والجريمه الى اطلاق حملة “القلب الأزرق” ليشارك المجتمع المدنى والمؤسسات الحكومية والدولية فى التوعية والضغط لتغيير القوانين لتتوائم مع البروتوكول وتفعيل القوانين الدولية والوطنيه للحماية من مخاطر الاتجار.
تعانى النساء فى مصر من مخاطر الاتجار وأبرز أشكال الاتجار هو الاتجار بالقاصرات من قبل الأهل والأقارب وبمساعدة وسيط لاجبارها على تقديم خدمات جنسيه للأجانب ومعظمهم من دول الخليج العربى، وانتشرت هذه الظاهرة فى البداية فى بعض قرى الجيزة ولكنها مع الوقت انتشرت فى العديد من المدن والقرى المصرية، اليوم ومع احياء الحملة الدولية (القلب الازرق) نذكر أننا لا زالت بناتنا ضحايا للاتجار وأن معركتنا لوقف هذه الظاهرة لم تنته
يوم الخميس 30 يوليو هو #اليوم_العالمى_لمكافحة_الإتجار_بالبشر واللى من أهم أشكاله #الزواج_المبكر بكل صوره.. هننشر تباعًا مجموعة من الفيديوهات والحكايات اللى بيتم من خلالها الإتجار بالبشر عن طريق الزواج المبكر بشكل واضح وحقيقى وهنطلب منكم تتفاعلوا معانا وتعملوا #شير لإنهاء كافة طرق الإتجار بالبشر ووقف الزواج المبكر.
الاتجار بالأشخاص هو جريمة خطيرة وانتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، يمس الآلاف من الرجال والنساء والأطفال ممن يقعون فريسة في أيدي المتاجرين سواءا في بلدانهم وخارجها. ويتأثر كل بلد في العالم من ظاهرة الاتجار بالبشر، سواء كان ذلك البلد هو المنشأ أو نقطة العبور أو المقصد للضحايا.
لمياء لطفى