بنت جدها
كتبت: رحاب عمر .. مجموعة نوت ( المدرسة النسوية بالمنصورة )
بنت جدها ، كنت أسمع الجميع يقولون هذه الكلمة باستمرار، وكان هذا هو النداء الخاص بى منذ صغرى، لم أكن أفهم تماما ماذا يعنى ، ولماذا لا يقال بنت أبيها ؟ كنت أسأل أمى دائماً هذا السؤال عندما تأتى لزيارتى فى الأعياد والصيف ، حتى أولادها الصغار الذين يأتون معها كان لديهم رجل يقولون له : يا أبى .
فى المدرسة وحين تعلمت كتابة اسمى كتبت منار رفعت عزام ، ورفعت عزام هذا جدى ، نما فى عقلى الصغير كثيراً من التساؤلات ، فهل تزوجت أمى أباها وأنجبتنى ؟ كنت أراقبها حين تأتى إلينا وتناديه قائلة :” يابه” فأتعجب وأتسائل كيف أباها وأبى فى نفس الوقت ؟ سنوات طوال وأنا أفكر بهذه الطريقة ولا أحد يريحنى بكلمة حتى ذهبت إلى المدرسة الاعدادية وبدأ الناس يتحدثون عنى ، بعض زملائى قالوا عنى أنى ليس لدى أب وجدى تكفل بى ، كنت اصطدم بنفسى وبنظرات الناس حتى جاءت أمى لنا فى أجازة نصف العام ، بكيت أمامها كثيرا ، وصارحتها بوجعى فأخذتنى من يدى إلى بيتٍ كبير فى أول القرية ، هناك قابلت سيدة كبيرة فى السن لكنها شديدة وقوية حين رأت أمى أهانتها وقالت لها : إية إللى جايبك هنا يابت .
قالت أمى مشيرةً إلىّ : دى بنت أبنك ، قالت لها: مليش بنت أبن ، ابنى مات ومخلفش روحى شوفى دى بنت مين .. وانهالت بالاتهامات والسباب على أمى ، وتجمع رجال الدار وحاولوا طرد أمى واهانتها حتى كادوا يضربونها، قالوا لها هنقطع رجلك لو جيتى هنا تانى …
خرجت أمى باكية ، جلسنا فى الطريق تحت شجرة ، حدثتنى قائلة : كان ابوها يعمل فى حقل هذه العائلة ، ولأن العائلة تمتلك أرض كبيرة وحظائر مواشى كانوا يزوجون أبناءهم مبكرا ، ففرح أبى بعرض الزواج من ابن هذه السيدة ، ويدعى طاهر عوض كان عمرى اثنى عشر عاما وهو أربعة عشر عاما .. تزوجنا بعقد عرفى ، قال لنا المأذون أنه زواج شرعى وعملنا زفة أمام منزلهم .. جئت إلى هنا وأنا أتصور أنى ذاهبة الى الجنة كما أخبرتنى والدتى ، لكنى من تانى يوم زواج أعمل فى الجرن وفى الدار ، ظلت هذه السيدة تعاملنى بقسوة شديدة ، هى وأولادها ، ولم أكن بمفردى فقد كان معى أربع نساء زوجات أبناءها ، لكنهم على الأقل صححوا أوضاعهم حين بلغوا السن القانونى ، أم أنا حين ثورت وبكيت طردونى من البيت عدة مرات ، كنت أتعارك كثيرا مع هذه السيدة فهى لم ترحمنى أبدا كرهتنى وجعلت ابنها يهددنى بالطلاق،
حملت بكِ وعمرى لم يتجاوز الثلاثة عشر وليس لى طائلة على شغل البيت والجرن قست عليا هذه المرأة أكثر وكثرت الخلافات وذهبت لبيت والدى ، أنجبت عنده ، ساعتها لم نستطيع تسجيلك لأن الزواج ليس رسميا ونحن لم نبلغ السن القانونى بعد بعدها مات والدك تحت الجرار ، لم يتقبلوا عزاءنا ورفضوا الاعتراف بك قام البعض بمحاولات كثيرة للتدخل وحل المشكلة لكنها كانت تبوء بالفشل ، حتى ورقة الزواج العرفى تم تقطيعها أمامى فى أحد المرات التى ذهبت أطالب بحقك فيها ونحن من سذاجتنا لم نطالب بالاحتفاظ بآخرى ..
لم نستطع أن نقف أمامهم فى المحاكم فنحن بالكد نعيش . أشار علينا أحد الرجال فى القرية أن يكتبك جدك باسمه حتى نجد حلا ، ومن يومها لم يحدث شيء وترفض أسرة أباك الاعتراف بك .. وأنا كنت صغيرة حين طلبنى عمك إبراهيم للزواج، اقترحت امى أن اتركك معها ولا أترك هذه الفرصة ، وتزوجت فى قرية أخرى .
٢ عدت الى بيت جدى وعادت أمى إلى بيتها بعدما أخبرتنى بالحقيقة، ورغم تأثرها بى لكن لا حيلة لها على فعل شيء . أشعر بانكسار شديد ، ولا أريد أن أذهب لتلك المرأة التى تدعى جدتى مرة أخرى . لكنى الآن أبحث عن أحد يساعدنى فى أخذ حقوقى ، أبحث عن أحد يقف معى ، حتى يكف الناس نظراتهم عنى. أشعر بشرخ كبير فى روحى وكأنى بلا جدر ولا أصل كأنى زرع شيطانى ، جدى الآن على فراش الموت ، يقول أنه السبب فيما حدث ، وأنه ندم على فعلته من إهدار حقوق أمى وحقوقى . لكنى ماذا افعل فى المستقبل الذى ينتظرنى ماذا أفعل وإلى من أذهب أنا لا أكتب تلك القصة للتسلية ، ولكن قررت نشرها للبحث عن حل لمشكلتى ، فهل لى من خلاص من هذا الذل الذى يلاحقنى؟
يوم الخميس 30 يوليو هو #اليوم_العالمى_لمكافحة_الإتجار_بالبشر واللى من أهم أشكاله #الزواج_المبكر بكل صوره.. هننشر تباعًا مجموعة من الفيديوهات والحكايات اللى بيتم من خلالها الإتجار بالبشر عن طريق الزواج المبكر بشكل واضح وحقيقى وهنطلب منكم تتفاعلوا معانا وتعملوا #شير لإنهاء كافة طرق الإتجار بالبشر ووقف الزواج المبكر
الاتجار بالأشخاص هو جريمة خطيرة وانتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، يمس الآلاف من الرجال والنساء والأطفال ممن يقعون فريسة في أيدي المتاجرين سواءا في بلدانهم وخارجها. ويتأثر كل بلد في العالم من ظاهرة الاتجار بالبشر، سواء كان ذلك البلد هو المنشأ أو نقطة العبور أو المقصد للضحايا.