تدين مؤسسة حرية الفكر والتعبير القرار التعسفي الذي اتخذته جامعة بورسعيد بحق 17 طالب يوم الأحد الماضي بتحويلهم للتحقيق، وذلك على خلفية احتجاجات طلاب كلية التربية الرياضية لعدم توفر مباني لهم بسكن الجامعة.
وتعود وقائع القضية إلى بداية العام الدراسي الحالي، حيث فوجيء طلاب كلية التربية الرياضية المقيمين خارج بورسعيد بعدم وجود مباني سكنية مخصصة لهم داخل المدينة الجامعية، مما اضطرهم للمبيت في حدائق المدينة وافتراش الأرض لمدة أسبوعين إلى حين حل هذه المشكلة، وخلال هذين الأسبوعين حاول الطلاب لقاء عميد الكلية ونائب رئيس الجامعة ورئيس الجامعة ولكن كل هذه اللقاءات والمفاوضات باءت بالفشل، وقامت إدارة الكلية بإبلاغهم أن المباني المخصصة لطلاب كلية التربية الرياضية سيتم تحويلها إلى سكن إداري للأساتذة والإدرايين بالكلية.
هذا وردا منهم على هذه المعاملة السيئة، قام الطلاب يوم الاثنين 8 أكتوبر الحالي، يتنظيم وقفة احتجاجية أمام مكتب رئيس الجامعة مطالبين بأن يتوجه وفد منهم للتحدث باسم معه، خاصة وأن كلية التربية الرياضية أنفقت ما يقرب من 600 ألف جنيه لتجديد المباني المخصصة للطلاب، ولكن رئيس الجامعة رفض مقابلتهم مما اضطر الطلاب للاعتصام، وأثناء ذلك حاول رئيس الجامعة أن يمر عبر هذا الاعتصام بسيارته مما دفع الطلاب إلى محاولة التحاور معه إذ ربما تحل هذه المشكلة، ولكنه رفض ذلك مرة أخرى ونزل من السيارة وغادر الجامعة.
تطورت الأمور بشكل سريع جدا بعد ذلك حيث فوجيء تسعة طلاب من كلية التربية الرياضية وثمانية طلاب من كلية الهندسة بإبلاغهم شفهيا يوم الأحد الماضي الموافق 14 أكتوبر بتحويلهم للتحقيق داخل الجامعة بتهمة تعطيل سير العمل لمدة يوم بمؤسسة حكومية واعتراض سيارة رئيس الجامعة، وردا على هذا قامت مؤسسة حرية الفكر والتعبير بإرسال محامية وباحث إلى بورسعيد لمتابعة التحقيقات مع الطلاب وذلك يوم الاثنين 15 أكتوبر، حيث قام د. “إبراهيم خلاف” عميد كلية التربية الرياضية بالتعنت مع المحامية ورفض حضورها للتحقيقات، بل وقام بطردها من الجامعة، مما دفع فريق من المؤسسة إلى التوجه إلى قسم ثان بورفؤاد وتحرير محضر يحمل رقم 244 إداري لإثبات منع المحامية من الحضور مع الطلاب.
يذكر أن هذه التصرفات المتعنتة والغير مفهومة ليست الأولى من نوعها التي تقوم بها جامعة بورسعيد، ففي الفصل الدراسي الثاني من العام الماضي، قامت الجامعة بإيقاف خمسة أساتذة عن العمل بكلية التمريض وذلك على خلفية احتجاجهن ضد قرار رئيس الجامعة بتعيين عميدا للكلية من خارجها وهو الأمر الذي يخالف قانون تنظيم الجامعات، وقد تم هذا الفعل دون حتى التحقيق معهن بدعوى المصلحة العليا للكلية وهو الأمر المخالف للقانون ,ونص المادة (106) من قانون تنظيم الجامعات التي تنص علي أن في حالة ارتكاب أي عضو من أعضاء هيئة التدريس لمخالفة تأديبية يتم إحالته لاتخاذ إجراءات التحقيق معه , وإذا اقتضت مصلحة التحقيق إيقاف العضو عن العمل لحين الانتهاء من التحقيق فمن حق رئيس الجامعة أن يصدر قرار لإيقافه وهو ما لم يتم في هذه الحالة حيث أن قرار إيقافهن عن العمل لاحقا عن قرار إحالتهن للتحقيق.
وتتساءل المؤسسة عن الجرم الذي ارتكبه هؤلاء الطلاب لينالوا مثل هذه العقوبة، بل والتعدي السافر على حقهم القانوني في تحقيق عادل بحضور محامي معهم، بل والوصول بالتعنت إلى حد طرد المحامي، وهو الأمر الذي يعتبر انتهاك سافر لحقوق الطلاب، كما أن هذا يعتبر إلتفافا على حق الطلاب الطبيعي في الحصول على سكن لهم داخل الجامعة.
كما تتساءل المؤسسة عن المال الذي تم صرفه لتجديد المباني السكنية للطلاب، وعلى من تقع مسئولية اتخاذ قرار تحويل هذه المباني لسكن الأساتذة والإدراريين بدلا من الطلاب، فالطبيعي أن أي جامعة توفر سكنا مريحا وملائما لكافة الطلاب القادمين من خارج المدينة الموجود بها الجامعة، فهذه مسئولية تقع على عاتق الإدارة الجامعية، وليست مشكلة الطلاب أن الجامعة عاجزة عن توفير سكن لهم أو لأعضاء هيئة التدريس، ففي هذه الحالة يجب التفكير في مستقبل الطلاب أولا خصوصا وأن هذه المباني كانت مخصصة لهم من قبل.
إن مؤسسة حرية الفكر والتعبير تطالب جامعة بورسعيد بالتراجع عن قرار التحقيق مع الطلاب والعمل على توفير مسكن ملائم ومناسب لهم، فهذه هي مسئولية الجامعة بالأساس، كما تدعو الجامعة للكشف عن أوجه صرف مبلغ 600 ألف جنيه لتطوير المباني السكنية بالجامعة، وعن أسباب إسناد هذه المباني لأعضاء هيئة التدريس بدلا من الطلاب، كما تتضامن المؤسسة مع الطلاب المحالين للتحقيق، وتطالب جامعة بورسعيد بالكف عن استخدام العصا القمعية ضد كل من يطالب بحقه سواء من الأساتذة أو من الطلاب الذين يريدون التعبير عن رأيهم وهو ما يؤدي إلى إهدار حقوقهم المنصوص عليها في الدستور والقانون.