في المدرسة التي أعمل بها، أخبرتني بنت في الصف الثالث أنّ هناك 5 صبيان أمس قاموا أثناء الحصة الأخيرة (حصّة العربي) إنزال البنطال لصديقتها، دون أن تنتبه المعلمة لذلك. وحين استدعيت البنت “المعتدى عليها” التي أرادت التستّر على هذا الحدث، وفهمتُ منها القصة، حاولتُ علاج المشكلة مع الصبيان أنفسهم، أو حتى مع الصف ككلّ، حين فهمت منها أنّ الصبيان في الصف طالما حاولوا لمس أجزاء من أجساد بنات صفّهم.
لكنّ إدارة المدرسة (المكونة من المدير ونائبه) رأيا أنه من الأفضل عدم تكبير الأمور، فهؤلاء أطفال صغار في الصف الثالث فقط ولا شكّ أنّهم لا يعرفون ماذا يفعلون، ولن يسرّ الأهالي بأن نتّهم أبناءهم بكلّ هذه قلّة الأدب غير المقصودة، لذلك من الأفضل “ضبضبة” الموضوع. أمّا البنت فهي أيضا صغيرة ولا تفهم شيئا من كلّ هذا.
أدارة المدرسة رفضت تعريف الحدث على أنّه اعتداء. وأنا بقيت وحدي مع البنت الصامتة، الصامتة جدا، والتي لم تجد بعد الكلمات لتقول لنا بماذا شعرت حينها، وماذا فهمت هي من سلوكهم معها، وهل هي خائفة من حدث مشابه في المستقبل أم لا.. كلّ هذا لم يكن أصلا مادة للتفكير لـدى الإدارة.
إذا وجد أحد في الصف الثالث فرصة لإنزال البنطلون لزميلته، سيجد في الصف الرابع الفرصة لرفع قميصها، وفي الصف الخامس للدخول إلى حمامات البنات خلفها وتعريتها، وفي الصف السادس قد يجد الفرصة لاغتصابها. ولن يكون هناك حاجة لعلاج أيّ حدث من كلّ هؤلاء، لأنّ الأولاد صغار ولا يفهمون شيئا، ولا داعي لتكبير الموضوع!
ملاحظة مهمة: في مدرسة ابتدائية مجاورة في القرية نفسها، حدثت في السنة الماضية حادثة اغتصاب قام بها 4 صبيان في الصف السادس، والضحيّة كانت طالبة ذات احتياجات خاصة.. لم يكتشف أحد الحدث إلا بعد مرور سنة، والاكتشاف لم يشجّع أحدًا للمبادرة بعلاج ما، مع المعتدين أو مع الضحية.
هكذا تعالج مجتمعاتنا هذا النوع من الاعتداءات، كمن يرى القذارة على الأرض فيكنسها ويكوّمها تحت سجّادة، ويقول ليس هناك شيء. الأولاد صغار…
عبير من فلسطين
من صفحة : انتفاضة المرأة في العالم العربي