في خضم الجدل حول إطلاق الاستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية، يظل قطاع الزراعة، وخاصة النساء العاملات به، غائبًا عن أولويات السياسات الوقائية. وبالرغم من التقدم الظاهري في خطاب الصحة المهنية، تتعرض العاملات في الحقول لأخطار بيئية وجسدية ونفسية، لا تُعالجها أي من الأطر المؤسسية الحالية. في خضم الجدل حول إطلاق الاستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية، تظل قطاعات واسعة من العاملات والعمال خارج مظلة هذه السياسات، وبالأخص النساء العاملات في الزراعة.
ورغم أن هذا القطاع يشكّل أحد أعمدة الاقتصاد الريفي المصري، حيث يمثل العاملون فيه وفقا للبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ما يقارب 20 في المئة من العاملين في جمهورية مصر العربية, فإن النساء اللاتي يشكلن حوالي 42%منه يتحملن العبء الأكبر من الانتهاكات الصحية والمهنية. فأغلب هؤلاء النساء يعملن دون عقود، ودون تأمين اجتماعي أو صحي، وفي ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وفي سياق مناخي أشد قسوة، تصبح أوضاع النساء العاملات في القطاع الزراعي نموذجًا مركبًا لانعدام العدالة الاجتماعية والمناخية. تعاني هؤلاء النساء من هشاشة اقتصادية، وانعدام الحماية القانونية، وتجاهل سياسي ممنهج، يتقاطع فيه الجندر مع الطبقة والموقع الجغرافي.
يحاول هذا التقرير المختصر تسليط الضوء على أوضاع العاملات في الزراعة من منظور نسوي بنيوي، وتفكيك أشكال التهميش عبر ثلاث محاور مركزية: وسائل النقل، المبيدات الزراعية، والإجهاد الحراري، في ضوء الاستراتيجية الوطنية المرتقبة.
Powered By EmbedPress