مقترح قانون الأسرة الجديد.. ثورة النساء القادمة
لمياء لطفى
منذ بضعة أيام قدمت إحدى النائبات مقترحاً بتعديل بعض مواد قانون الأسرة، وثارت ثائرة الأمهات الحاضنات وتفاعل معهن بعض النشطاء والناشطات النسويات، والحقيقة أن المقترح الجديد لم يأت بجديد ونحن نتعامل معه من وجهة نظرى بمنطق (قال رضينا بالهم… والهم مش راضى بينا)، وأنا أعنى هنا توقف مطالبتنا بتغيير قوانين الأحوال الشخصية لصالح سعينا لوقف الهجمة الجديدة بهذه التعديلات، دعونى أشرح تفصيلاً ما أعنى فى هذا المقال، أولاً: فيما يتعلق بنقل الحضانة، لم تأت التعديلات بجديد فيما يتعلق بفلسفة قانون الأحوال الشخصية الذى يرى الأم غير أهل لرعاية الابناء فى حالة قرارها الزواج بعد حصولها على الطلاق، ففى كل الأحوال يسحب منها الحضانة ويمنحها لأم المطلقة(الجدة للأم)، وهذا ظلم بين لحقوق النساء فى الأختيار، وحقهن فى الأحتفاظ بحضانة الأبناء ورعايتهم مع زواجها وأستكمال حياتها الطبيعية بعد الطلاق، ولكن كانت كثير من النساء يعتبرن فى حضانة أمهاتهن للأطفال فى هذه الظروف ضمانة لاستمرار وجود الأبناء تحت رعايتهن، ولكن ماذا لو كانت الجدة للأم متوفية مثلا، أو استطاع الطليق اثبات عدم أهليتها لرعاية الابناء بسبب المرض أو العجز أو أى سبب آخر، المشكلة فى رأيى فى فلسفة القانون وليس فى ترتيب نقل الحضانة.
فيما يتعلق بالرؤية والأستضافة، فى الحقيقة هى معركة طويلة تخوضها الأمهات الحاضنات، والرجال غير الحاضنين مع قوانين جائرة للطرفين، ومع ذلك فان هناك العديد من أحكام الاستضافة التى صدرت عن المحاكم من 2013 وربما من قبل ذلك بموجب قانون الطفل، والتى تحاول النائبة وضعه فى إطار قانون الاسرة المقدم، إلا أن هذا الشكل من الاستضافة يشمل كثير من الغبن للطرف الحاضن؛ الذى سيتحمل إلى حد كبير كل ما يتعلق بعبء التنشئة والاستذكار والرعاية، فى الوقت الذى سيتولى الطرف غير الحاضن حقوق الفسح والتسلية والترفيه وهو ما سيؤثر بالضرورة على علاقة النساء بالأطفال، كذلك هل ناقش القانون منظومة رعاية الطفل والوقت الذى يستنزف فى هذه الرعاية والذى سيؤثر بالضرورة على حقوق النساء فى العمل، والوقت الذى يعطى للأب حق الاستضافة فى أيام الاجازات، وهل وضع المشرع فى اعتباره أحتمالات خطف الطفل وحرمان الطرف الحاضن من رؤية الأبناء، وهل وضع ضمانات لحماية الأبناء من العنف الأسرى فى وقت الاستضافة.
رفضنا للتعديلات لا يجب أن ينسينا أن القانون الحالى ظالم للنساء ومميز ضدهن ليس فقط فى قوانين الرؤية والحضانة ولكن فى الانفاق على الأبناء..فى وجود قوانين لازالت تجبر النساء على الطاعة وتتهمهن بالنشوز، لازالت تتبنى أحكام لنفقة المتعة المهينة للنساء والتى تعاملهن معاملة الغانيات، لازالت تجبرهن للجوء للمحاكم لإثبات نسب أطفالهن حتى لو من علاقات زواج رسمى، وترفض حقهن فى فتح حسابات توفير لأبنائهن، لازالت تجبرهن على اللجوء للمحاكم للحصول على حقهن فى الولاية التعليمية حتى وإن كنَ حاضنات، لازالت تعطى للجد أو العم الحق فى السيطرة على ميراث الأطفال القصر فى حالة وفاة الأب حتى وإن كان الاطفال فى حضانة الأم.
ما حاولت قوله بهذه المقارنة إننا لسنا بحاجه فقط للوقوف أمام التعديلات التى تبنتها النائبة والفرح والاحتفال فى حالة قدرتنا على إيقاف هذا الزحف الجائر على حقوق النساء، ولكن علينا أستغلال هذا الزخم والأستنفار الذى أحدثه هذا المقترح للعمل على تعديل قانون الأسرة، تغيير فلسفته القائمة على أعتبار عقد الزواج عقد نكاح، والذى يتبنى مقاربات من نوع الاحتباس مقابل المهر، والطاعة مقابل الإنفاق، والمال مقابل المتعة، لتتناول مقاربات الحقوق والمساواة وعدم التمييز والعدالة، وليتم موائمة قوانين الأسرة مع المادة 16 من أتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ربما ساعتها تنجح نساء مصر فى رفع التحفظ عن المادة 16 من الاتفاقية والذى لازالت مصر منذ 30 عاما متحفظة على تطبيقها.