قانون العمل الجديد واتفاقية 190 .. هل يمهد القانون الطريق للتصديق على الاتفاقية ؟!!

أين عدالة الإبلاغ من قانون الإجراءات الجنائية؟
يونيو 18, 2025
جلسة نقاش حول وضع النساء المسيحيات: عرض حلقة “بنلف في دواير” من بودكاست راقات
يونيو 23, 2025

قانون العمل الجديد واتفاقية 190

هل يمهد القانون الطريق للتصديق على الاتفاقية ؟!!

ستة سنوات تمر اليوم على إصدار منظمة العمل الدولية الاتفاقية 190 بشأن العنف والتحرش في عالم العمل التى صدرت فى 19 يونيو 2019  . قبلها وما بعدها حملات ومطالبات ونقاشات واسعة حول الحماية من العنف فى أماكن العمل المختلفة باعتبارها محددا هاما لزيادة معدلات تشغيل النساء وخاصة بعد إضافة المبدأ الخامس من مبادئ العمل الأساسية عام 2022 لكى تصبح

  • الحرية النقابية والإقرار الفعلي بحق المفاوضة الجماعية
  • القضاء على جميع أشكال العمل الجبري أو الإلزامي
  • القضاء الفعلي على عمل الأطفال
  • القضاء على التمييز فى الاستخدام والمهنة
  • بيئة عمل امنة وصحية

هذه المبادئ تعنى ان جميع الدول المنضمة الى منظمة العمل الدولية ملزمة بتطبيقها اجمالا حتى وان لم تصدق على اتفاقيات بعينها بينما تضع الاتفاقيات اطارا واضحا لهذا التطبيق ينعكس بالضرورة على التشريعات القانونية  والسياسات والاستراتيجيات الوطنية

طوال السنوات الماضية لم تتوقف الحركات النسوية والعمالية فى كل الدول عن رصد وتوثيق الاثار المركبة للعنف فى المجال العام على تواجد النساء فى سوق العمل الذى يتراجع بصورة مقلقة فى ظل غياب اطار تشريعى حاسم الامر الذى يجعل من الاتفاقية 190 والتوصية 206 الملحقة بها ضرورة ملحة بما شملته من حقوق وضمانات واعادة تعريف للعنف والعنف المبنى على النوع الاجتماعى وكذلك بما اشتملت عليه من حماية للشهود والمبلغين\ات من التنكيل والتعسف وصولا الى الدعم النفسى وجبر الضرر ، بل قد تطرقت الاتفاقية الى مسؤولية تخفيف اثار العنف المنزلى على النساء من خلال مؤسسات العمل والتنظيمات النقابية لكى تتاح لهن الفرصة للانخراط مرة اخرى ورفع كفاءة الانتاجية لعملهن فى ظل سياق ثقافى يمارس فيه العنف على النساء فى المجالين العام والخاص

وخلال هذه السنوات ناضلت المجموعات النسوية والنقابية من اجل التصديق على الاتفاقية 190 وتضمين مواد الحماية من العنف فى قوانين العمل وتحديدا فى قانون العمل الموحد ، يعد قانون العمل الموحد واحدا من أهم التشريعات الاجتماعية التي تمس حياة ملايين المواطنين المصريين /ات وينظم العلاقة بين طرفي العملية الانتاجية وبذلك  يؤثر على السلم المجتمعى  فعلاقات العمل المتوازنة أهم ركائز استقرار المجتمع وبنيته الاقتصادية والاجتماعية

وعلى الرغم  من الملاحظات المتعلقة  بالقانون الجديد الا ان التعديلات التى اضيفت فيما يتعلق بالعنف والتحرش والتمييز تعتبر خطوة جيدة على طريق الحماية  لا يمكن انكارها حيث جاء فى الباب الاول الخاص بالتعريفات تعريف كلا من التحرش والتنمر كما يلى

التحرش : كل فعل او سلوك فى مكان العمل او بمناسبته يشكل تعرضا للغير باتيان امور او ايحاءات او تلميحات جنسية او اباحية سواء بالاشارة تو بالقول او بالفعل باية وسيلة بما فى ذلك وسائل الاتصالات السلكية او اللاسلكية او الالكترونية او اية وسيلة تقنية اخرى .

التنمر : كل فعل او سلوك فى مكان العمل او بمناسبته  سواء بالقول او باستعراض القوة او السيطرة على الغير او استغلال ضعفه او لخالة يعتقد مرتكب ذلك الفعل او السلوك انها تسئ للغير الجنس او العرق او الدين او الاوصاف البدنية او الحالة الصحية او العقلية او المستوى الاجتماعى بقصد تخويفه او وضعه موضع السخرية او الحط من شانه او اقصائه من محيطه الاجتماعى  باية وسيلة بما فى ذلك وسائل الاتصالات السلكية او اللاسلكية او الالكترونية او اية وسيلة تقنية اخرى .

مادة 4

يحظر تشغيل العامل سخرة او جبرا كما يحظر التحرش او التنمر او ممارسة اى عنف لقظى او جسدى او نفسى على العامل وتحدد لائحة تنظيم العمل والجزاءات بالمنشاة الجزاءات التاديبية المقررة لها .

مادة 254

تلتزم المنشات وفروعها بتوفير بيئة عمل امنة وغير عدائية خالية من التحرش والتنمر والعنف وتوفير الوسائل الكفيلة بالوقاية منهم

ويصدر الوزير المختص قرار بتحديد نماذج لمدونة السلوك الوظيفى والقواعد والاجراءات اللازمة لتقديم الشكاوى وسبل تسويتها واتخاذ الاجراءات اللازمة فى شانها

مادة 274

يلتزم صندوق الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية بتقديم الخدمات التالية

(10) مشاركة العمال واصحاب العمل فى توفير بيئة عمل امنة خالية من العنف والتحرش والتنمر من خلال اقامة الندوات التوعةية وتمويل المشروعات التنموية التى تستهدف ذلك متى توافرت الموارد .

 

ويعتبر ادراج تعريفات التحرش والتنمر فى القانون تقدما ملحوظا الا انه يعيبه غياب ضمانات الحماية التى نصت عليها اتفاقية 190 للشهود والناجيات من العنف فلا توجد إجراءات واضحة للإبلاغ والتعامل مع الشكاوى، كما أن غياب وحدات مختصة داخل أماكن العمل للتعامل مع هذه القضايا يُرسّخ مناخًا من الصمت والخوف لدى النساء العاملات كما خفف القانون عقوبة التحرش فى العمل عن العقوبات التى ينص عليها قانون العقوبات والتى تشتمل السجن بينما اقصى عقوبة فى قانون العمل هى الغرامة المالية التى لا تتعدى مائة الف جنيه ، وان كانت العقوبة الاشد بقانون العقوبات هى  الارجح للتطبيق الا انه كان ينبغى النص عليها صراحة ولذلك تتجه اعيننا الى القرارات الوزارية المكملة للقانون والى ضرورة التصديق على الاتفاقية . لان هذه التعديلات – وان حدثت بعد نضال طويل – الا انها ليست كافية وحدها وينبغى التراكم عليها وبناء تحالفات مدنية لدعمها من اجل التفعيل والتطوير وفى طريق التصديق على الاتفاقية وليس الاكتفاء بتعديلات القانون  حيث ان الاتفاقية والتوصية كلاهما ينطوى على تفاصيل اخرى  غاية فى الدقة والوضوح تتعلق بادوار مفتشين العمل والتنظيمات النقابية ومسؤولية الدولة واصحاب العمل  عن حماية العمال والعاملات من اشكال العنف المختلفة فى عالم العمل . وكونه أهم التشريعات الاجتماعية كان يستلزم صدوره حوار مجتمعي واسع  مع كافة  قوى واطياف  المجتمع من عمال ونقابيوين ومؤسسات مجتمع مدني واحزاب سياسية وهو مالم يحدث واقتصر على فئات قليلة وحوار شكلي وليس حقيقي , وهذا اهم أسباب رفضنا للمشروع القانون الجديد

في ظل التحولات التشريعية التي تشهدها بيئة العمل، يأتي قانون العمل الجديد ليفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مصير حقوق النساء العاملات. فعلى الرغم من احتواء مشروع القانون على بعض البنود التي يمكن اعتبارها مكاسب شكلية، إلا أن غياب الضمانات الحقيقية للحماية من التعسف والتمييز يطرح مخاوف كبيرة حول مدى فعالية تلك النصوص على أرض الواقع وتظل إشكالية التنفيذ هي التحدي الأكبر، فالمكاسب تظل نظرية في ظل:

  • ضعف آليات الرقابة والتفتيش على بيئة العمل.
  • غياب وسائل فعالة للتظلم في حالات الفصل التعسفي أو التحرش أو التمييز.

وبالتالى يمثل قانون العمل الجديد خطوة متقدمة نحو الإنصاف القانوني للنساء، لكنه لن يكون كافيًا ما لم ترافقه إرادة حقيقية لتفعيل مواده، وتغيير ثقافي داخل بيئة العمل والمجتمع ككل. فحقوق النساء لا تتحقق بالنصوص فقط، بل بالفعل الجماعي لتجسيد هذه الحقوق واقعًا يوميًا يليق بدور المرأة في التنمية وبكرامتها الإنسانية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.