عقدت مؤسسة المرأة الجديدة مائدة حوار بعنوان “رؤية نسوية لقانون العمل الجديد” استضافت فيها عدد من الخبراء والنشطاء العماليين ووالباحثين.ات والمحاميين.ات، إلى جانب عدد من النقابيين.ات، للنقاش حول قانون العمل الجديد، وكيف يمكن أن تتضمن القرارات الوزارية بشأنه بعض ما تجاهله القانون من مراعاة حقوق النساء وغياب فلسفة تراعي أبعاد النوع الاجتماعي.
جدير بالذكر أنه في إطار اهتمام المؤسسة بسياسات العمل والتشغيل، عقدنا العام الماضي، مائدة حوار أيضًا بعنوان ” ماذا نريد من قانون العمل الجديد” كجزء من الحوار الاجتماعي حول رؤية المجتمع المدني والمهتمين.ات برؤية نسوية عادلة لقانون العمل، وسنستكمل نقاشاتنا لتحسين سياسات وقوانين العمل.
افتتحت اللقاء مي صالح، مديرة برنامج النساء والعمل والحقوق الاقتصادية، بلمحة عامة عن قانون العمل الجديد 14 لسنة 25، والذي صدر بعد نقاشات عديدة من قبل المجتمع المدني والأحزاب والنقابات، وأكدت على أهمية استمرار النقاشات تمهيدًا لصدور القرارات التنفيذية المكملة للقانون، لاستيعاب أي نواقص وطموحات لم ترد في القانون.
حظر التمييز في الأجور، إجازات الوضع ساوت بين عاملات الخدمة المدنية والقطاع الخاص، لكن الأهم هو إلغاء مدة الاشتغال في القانون 12، مكسب يوم إجازة الأبوة حتى وإن كان ضئيل. تم إلغاء استثناء عاملات الزراعة البحتة من باب تشغيل النساء لكن بدون أي ضمانات لحماية عاملات الزراعة، قطاع شديد الخصوصية والتهميش وطبيعة عمل مجحفة، لايوجد أماكن تغيير ملابس، أماكن استراحات، لا يوجد دورات مياه، انتقالات غير آمنة.
إلى الآن لم يتم تحديد أي حديث عن قانون للعمالة المنزلية، لم يحدث أي تغيير في الشرط العددي الخاص بإنشاء الحضانات، ولا يوجد أي ضمانات للحماية في قانون العمل من العنف والتحرش، أو الوصم والتهديد والتعسف، ضعف وهشاشة العقوبات لا تلزم أصحاب العمل بالامتثال للقانون.
تمنى لو ظل قانون 12، والمحكمة العمالية، وذكر بعض سلبيات القانون الجديد، منها صدور القانون بدون ديباجة تعكس فلسفته وتقدم مرجعية للتفسير، تجاهل القانون التوازن بين طرفي علاقة العمل، قانون العمل واحد من التشريعات الاجتماعية التي يختفي فيها مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، عقد العمل ليس عقدًا مدنيًا، لكنه عقد له حماية خاصة يجب أن تأتي من القانون نفسه، حيث ان في كافة العقود هناك توازن بين طرفي العلاقة بخلاف قانون العمل، كما أنه انحاز إلى مرونة أصحاب الأعمال في التوظيف والفصل بما يخل بالأمان الوظيفي، إلى جانب غياب آلية واضحة لإلزام أصحاب العمل بتطبيق الحد الأدنى للأجور.
وأضاف أن تعريف الأجر في قانون 12 أشمل وأكثر توافقا مع المعايير الدولية منه في القانون، حيث أنه أسقط مكون هام من تعريف الأجر وهي عبارة “ثابتًا كان أو متغيرًا”، فأصبحت المكافآت أو أية ميزات لا يتم تضمينها من الأجر، بالإضافة إلى إشكالية تحديد مكان الإضراب بأن يكون داخل المنشأة.
وجود كثير من المجالس المنشأة، تشكيلها عام، ولم يشترط تمثيل النساء في أي مجلس من المجالس، وهو ما كان يجب أن يتم تضمينه لأنه يضمن تمثيل النساء. كما أن القانون لا يتضمن إجازة رعاية الاجهاض، إلى جانب أن العقوبات الواقعة في باب تشغيل النساء هي أقل العقوبات في القانون، ورعاية الطفل بدون مرتب هو ما يؤثر على المسار التأميني للمرأة كما يشترط عامين بين الإجازتين وهو ما يحد من حرية المرأة في الإنجاب
القانون شمل العاملين في العمالة المنزلية تمهيدا لصدور قانون خاص بهم. وأكدت زينب على أهمية قوة النقابات في دعم أعضائها، بالتمكين القانوني والمعرفة القانونية.
أضافت أن هناك مطالبات نسوية تم تضمينها في القانون مثل عدم التمييز في الإعلان عن الوظائف، التمييز الإيجابي، وساعة للنساء المراعية للأطفال ذوي الإعاقة، والتي يجب مراعتها في الكتب الدورية والقرارات الوزارية.
القانون به بعض الايجابيات الشكلية ولكن لا يتبنى عدالة جندرية، هناك قصور في تعريف الإجازات المرنة مثل إجازة الرعاية للأمهات المعيلات، كما لم يحدد نسبة إلزامية لتمثيل النساء في المجالس، وغياب الاعتراف بالعمالة المنزلية والاقتصاد غير الرسمي، القانون لم يتضمن مادة لتعريف التحرش الجنسي، وكان لابد من وجود نص يلزم المؤسسات بوضع سياسات مكتوبة لمكافحة العنف والتحرش في بيئة العمل.
غياب تعريف التمييز القائم على النوع الاجتماعي , وهي ثغرة للمكافحة التمييزية غير المباشرة مثل حرمان النساء من الترقي.
الأزمة أن القانون لم يعالج العوار التشريعي في قانون 12 بما يخص التوازن بين طرفي علاقة العمل في إنهاء علاقة العمل، ولم يحل إشكالية الإضراب، القانون يرى بنفس الفلسفة لتنميط أدوار النساء، إجازة الرعاية للنساء فقط ،دور الحضانة للنساء فقط، لايوجد إجازة لليوم الأول من فترة الطمث. العقد غير محدد المدة، يعتبر عقد مفتوح بنص القانون.
تم إلغاء استثناء النساء والأطفال العاملات في الزراعة البحتة، لكن تجاهلهم في باب السلامة والصحة المهنية.
فلسفة التشريعات العمالية في مصر تسير وفق مصلحة أصحاب الأعمال وليس العمال، هناك إفراغ من المضمون في مجمل القانون.
قانون 137 لسنة 81 كان الأفضل في وقته وزمانه لحقوق العمال، ثم قانون 12 لسنة 2003، كان الأسوأ لأنه اخترع لجان خماسية تشكيلها لم يكن من القضاء، وبعد الحكم بعدم دستوريته عدنا للمحكمة الدستورية.
القانون الجديد لم يستحدث المحاكم العمالية، لكنه عاد لما كان موجود في قانون 137 لسنة 81، بصورة أسوأ.
محكمة العمال الجزئية في القاهرة ينظر أمامها الدعاوى العمالية فيما يتعلق بموضوع الفصل المحال من مكتب العمل، أو الطعن على قرار الفصل إذا صدر قرار الفصل دون عرضه على مكتب العمال، وكانت المحكمة تفصل فيه بشكل عاجل وتلزم بأجر ثم تحيله إلى محكمة العمال الكلية، وهو ما كان نموذج لمحكمة العمال، لكن القانون الجديد استثنى أحكام المحاكم العمالية من النقض، ولم يعد تعويض العامل عن الفصل التعسفي أمر مفروغ منه في هذا القانون.
لازالت اللغة المستخدمة في القانون هي لغة المذكر، العقوبات المتعلقة بالتحرش الجنسي واردة في قانون العقوبات، ونحتاج العمل على مسودة لمدونات السلوك الوظيفي، تمهيدًا للحوار المجتمعي بشأنها، ودمج النقاشات في المؤسسات المختلفة في المنظور وكيفية تضمين الأجندة النسوية في جميع الأطروحات الخاصة بقوانين العمل.
“ليس لدي أي ذرة تفاؤل”.
علقت في مداخلتها أن القانون الجديد لا يحترم ثقافة الضعيف والأقوى في معادلة التعاقد، ولا يعطي أي مساحة للنساء، كما أنه لا يوجد أي تعريف لما يعنيه ببيئة عمل آمنة للنساء، بالإضافة إلى إشكاليات التطبيق والتثقيف، والبوابات الخفية للممارسات. وأضافت أننا نحتاج للعمل بشكل تشاركي، بآليات واضحة ووضع مقترح للائحة أو قرارات تنفيذية
رأى أن صدور القانون في هذا التوقيت جاء استعدادًا لمؤتمر جنيف، ورغم صدور قرارات للحد الأدنى للأجور، لكن لا يوجد آلية تحديد وإنفاذ
هل لدينا القدرة على صياغة اتفاقيات عمل جماعية؟
كثير من الدول تضع قانون موحد للعمل تضع إطار عام للجميع على اختلاف قطاعاتهم، وتترك الباقي لاتفاقيات العمل الجماعية، التي تصيغها النقابات وفق لظروف عملها.
الرهان الأساسي على قدرة النقابات على تفعيل وعمل اتفاقيات عمل جماعية وفهمها للقانون.
شاركت أ. وفاء ببعض الإشكاليات في القانون، منها وضع الأمهات ممن لديهم أبناء ذوي احتياجات خاصة أو أصحاب مرض، ولم يراعي القانون حالات الإجهاض للنساء وحاجتهن للرعاية والراحة، كما أنه لا يوجد مايلزم صاحب العمل بتوفير وسائل المواصلات للنساء التي تنصرف ساعة مبكرة سواء رضاعة أو حمل.
وأوضحت جهود النقابة من خلال ورش التدريب والتثقيف للعمال، وتوعية النساء عن العنف والتحرش الجنسي وكيفية تقديم شكوى والتعامل مع حالات التعدي، كما تم إنشاء دار حضانة
شاركت تجربة النقابة بالتفاوض حول ساعة الرضاعة، بتجميعها والحصول على يوم في الأسبوع، كذلك تمكنوا من حصول العاملة في إجازة رعاية الطفولة على كل المميزات التي تقدمها الشركة من شنطة رمضان وحلاوة المولد وغيرها.
كما تمكنت اللجنة من توفير مبلغ مالي بدلا من الحضانة، من خلال التفاوض مع الشركة.
النقابة هي الضمانة لتحقيق المطالب
أكد على أن قوة النقابة هي السبيل في الوصول لمكاسب العمال، وتحدث عن خبرتهم في تأسيس النقابة وتوعية العمال بماهية النقابة ودورها وأهمية قوة النقابة.
علينا أن نحاول حل الثغرات الموجودة في القانون، و يجب أن نعمل على تمكين الكوادر، وتثقيف النقابيين والنقابات بكيفية الحصول على حقوقهم من القانون.
رأت أننا نقف عند الحد الأدنى لحقوق الإنسان، وأن سياسات الحماية من العنف والتحرش هو حق العامل المصري بغض النظر عن نوعه الاجتماعي، وأن أقل حق من حقوق الطفل هو وجود دور الحضانة.
وأضافت أن سياسات التشغيل في مصر لا تراعي النساء ولا الأطفال وهو ما يتضح جليًا في سياسات دور الحضانة في تواجدها أو ساعات عملها. وأكدت على أن النقابات تكتسب قوتها من المناخ العام الداعم، وضربت مثلا بنقابة صغار المزارعين التي خاضت صراع لتحقيق الحق الأساسي في تكوين نقاباتهم، كما لفتت النظر أن التشريعات يجب أن تواكب تغيرات سوق العمل
علق في مداخلته، بأن النقابات ضعيفة وتمثيل النساء فيها ضعيف، حتى الاتحاد الرسمي يفتقر لوجود قيادات نقابية نسائية، إلى جانب أن القانون به مواد فضفاضة، وسلبية دور مكاتب العمل.
ذكرت أن قانون النقابات صدر نتيجة لنضال طويل، والمكتسبات البسيطة في القانون هي بمجهود الناس، والدولة تعيق تنفيذ المكتسبات، ودورنا استكمال النضال القانوني من خلال العمل الجماعي
اختتمت مي صالح أن النقاش في حد ذاته هو تحرك إيجابي، ويجب الخروج بشيء حقيقي، منها مجموعة عمل مشتركة لعمل محددات للقرارات الوزارية وتحديد ملفات على رأسها الأمان الوظيفي، ضمانات الحد الأدنى للأجور والعلاوة الدورية، سياسات التشغيل وتطبيق معايير حقوق الإنسان و المستجيبة للنوع الاجتماعي والمرتبطة بالتفاصيل اليومية، السلامة والصحة المهنية وخاصة للعمالة الزراعية، التصديق على الاتفاقيات الدولية وعلى الأخص 189، 190، صلاحيات مفتشي العمل، ونصدر وثيقة محددات ومبادىء للقرارات الوزارية.