الحراك النسوي الجديد في مصر: حق جسدي

المرأة الجديدة-مصر: تقاطع أعمال لجنة وضع المرأة هذا العام
مارس 13, 2017
الحراك النسوي الجديد في مصر: لماذا قانون الأحوال الشخصية؟
مارس 14, 2017

مدى مصر: قبل الثورة كنت بنت عادية جدًا. كانت حياتي شيئ عادي. بافكر أنا هاتجوز إمتى، وهاخلف إمتى؟ والحاجات دي. بس أنا كنت شخصية مرضية من وأنا صغيرة، دايمًا عندي أسئلة، دايمًا عندي حاجات عايزة أعرفها، حاجات عايزة أفهمها، وأغلب الحاجات دي كان ليها علاقة بموضوع النوع الاجتماعي.

اتربيت في عيلة طبقة وسطى دنيا، في المحلة الكبرى. وما كانش لأي حد في عيلتنا أي نشاط سياسي، ولا نشاط خيري خالص.. ما كانش لينا أي اشتراك في المجال العام، عيلة في حالها تمامًا.

بعد الثورة حسيت إني عايزة أشارك في الحاجات اللي بتحصل، وفكرت: ليه ﻷ؟ فابتديت أدور على الحاجات اللي عايزة تتصلح حواليّا. واللي كان بيحصل حواليّا كان بيسلط الضوء على الحاجات اللي حسيت إنها غلط، وقولت: ﻷ، ﻷ ما كانتش خايفة إن يتقال لها إيه الهبل ده، ولا خايفة من عقاب اﻷهل، ﻷ صريحة، عشان اللي حواليّا مش المفروض يفضل بالشكل ده.

ابتديت أنزل في المظاهرات وأشارك في اﻷنشطة السياسية أكتر، وابتديت ألاحظ إن وجودي في الشارع كان شبه وجودي في البيت، اللي بيتقالي فيه: ما تنزليش بالليل، ما تتأخريش، البسي كده، ولو حد كلمك في الشارع -متحرش يعني- يبقى أنتِ السبب.. بانزل المظاهرة ألاقي شخص بيقول لي: ده كردون للبنات علشان ما يحصلش تحرش، وما ينفعش تبقي لابسه كده علشان سمعة الثورة. فابتديت أحس إن في حاجة متشابهة ما بين المجال الخاص اللي أنا خارجة منه والمجال العام اللي أنا جاية عليه، وهي حاجة مرتبطة بإن أنا بنت.

في الوقت ده، كنت باسمع ناس كتير بتتكلم في السياسة، بس ما حدش بيتكلم عن الستات، وما كنتش أعرف أصلًا إن فيه حركة نسوية في مصر. فابتديت أشوف أنا ممكن أعمل إيه، وقررت إني أعمل حاجة سميتها «ثورة البنات». وهي منصة نسائية على فيسبوك تقدر البنات تشارك خبراتها عليها.

البنات اللي شاركت بتجاربها اتكلموا في حاجات كتير، منها العنف الجسدي والجنسي اللي واجهوه في البيت، ووقتها كان في تركيز على موضوع الحجاب، اللي كان بيهمني شخصيًا، ﻷني كنت محجبة وقتها، بس مش باختياري. وفعلًا خلعته في مايو 2012 -بعد الثورة؛ وجزء كبير من قدرتي على إني آخد القرار ده كان راجع لـ «ثورة البنات». الناس عادة بتفهم غلط إن بسبب كوني مؤسسة المجموعة أنا اللي أثرت على البنات اللي بيشاركوا، بس الحقيقة عكس ده بالظبط، بحكم دوري بدأت آخد بالي من التجارب الكتير المختلفة اللي حواليّا، وبالتالي همّا اللي أثروا فيّا وطوروني.

فكرتي عن «ثورة البنات» كانت إنها ممكن تكون مساحة آمنة للستات يتناقشوا فيها في اﻷشياء اللي في دماغهم، وكمان عملنا أنشطة «أوفلاين»، بس اكتشفنا إنك تقدري تطرحي القضايا الحساسة أونلاين بشكل مش هتعرفي تعمليه في الشارع أو من خلال اﻷنشطة؛ في حاجات ما أقدرش أقولها في الشارع، بس أقدر أقولها في مساحة قادرة أتحكم فيها لحد كبير.

الاختيار كحق للبنت هو مبدأ بنآمن بيه في شغلنا، لو واحدة اختارت إنها تكون محجبة هي حرة، بس ما ينفعش تطبق اختيارها الشخصي على أشخاص تانيين في ظروف مختلفة. وهنا مش بنتكلم في مسألة دينية، بنقول بس إن البنت حرة في اختيار الحاجة اللي هي عايزاها مهما كان قرارها، المهم إنها تقرر ده بنفسها، أو تكون على اﻷقل واعية بظروف اختيارها، حتى لو الظروف دي فيها إجبار بدرجة ما.

مثلًا لما بنتكلم عن فكرة اﻹجهاض، إحنا بنتكلم عن الحق في الاختيار ،حقي إني أختار أكمل الحمل ده ولا ﻷ. حقي اختار لو عايزة أكون أم. وعلى اﻷقل من خلال النقاشات دي بنسلط الضوء على صعوبة اﻹجهاض في حد ذاتها، والوصم اللي حواليها، والصدمة اللي بتحصل بعدها، ودي مش حاجات سهلة

الدولة بتقول إن الجسم ما ينفعش يبقى حامل غير في إطار معين -جواز موثق- ولو بقى حامل لازم يكمل، إلا لسبب مرضي. لكن افرض إني حامل ومش مرية، لكن عندي أربع أطفال ومش عايزة خامس، مش هاقدر أصرف عليه، إيه الحل؟ الدولة بتجاوب إنك لازم تكمل الحمل، وبالنسبة للناس، البنت اللي تحنل في إطار غير شرعي بيشوفوا إنها ماينفعش تجهض، كنوع من العقاب: طالما مارستي الجنس من غير زواج، يبقى تتحملي تبعات اللي انتي عملتيه.

في «ثورة البنات»، شوفنا تطور في التعامل مع الإجهاض، أول ما الموضوع اتفتح في 2013، الغالبية كانوا بيعتبروا الإجهاض غير مقبول على الإطلاق، لكن لاحظنا إن دلوقتي مستخدمي الصفحة هما اللي بيردوا مباشرة على الناس اللي بتكتب عنه وكأنها بتصدر أحكام.

تاريخيًا، الستات في عيلتي ما كانش عندهم مشكلة مع الإجهاض، كانوا بيعملوه في البيت، كان عادي. بس طبعًا كان في اختلاف بالنسبة للست المتجوزة عن اللي مش متجوزة ومضطرة تتصرف في السر. لكن أنا الستات في عيلتي كانوا ممرضات، فـ مش عارفة ده له دخل في الموضوع ولا ﻷ.

أنا ما حسيتش إن في مشكلة في الإجهاض غير لما جيت القاهرة، ولما دخلت المجال العام، وقتها ابتديت أحس إن مشاكل الستات في مصر مش زي بعضها، وقد إيه التقسيم الطبقي -ضمن حاجات تانية كتير- بيأثر في الموضوعات دي، والحاجات المقبولة في طبقات معينة مش مقبولة في طبقات تانية، في تقاطعات، لكن مفيش تشابه.

غدير أحمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.