أرفض الطلاق بشروطك .. القصة الثانية: بين التنصل والاستغلال 

ورقة ختامية : لاستنتاجات وخلاصات عن وبينار المراقبة والعقاب
ورقة ختامية: لاستنتاجات وخلاصات عن وبينار المراقبة والعقاب
أكتوبر 1, 2025
العدد الثالث والعشرون من مجلة طيبة .. النساء والتنمية المستدامة
أكتوبر 7, 2025

تواصلت معنا إحدى السيدات من خلال مكاتب المساندة القانونية التابعة للمؤسسة، لتشاركنا تجربتها المؤلمة التي تضمنت تعرضها للإساءة الجسدية والنفسية، إضافة إلى تعنت في إجراءات الطلاق واستغلال النفوذ. وإلى جانب تقديم الدعم والاستشارة القانونية اللازمة، نشارك قصتها اليوم بهدف تسليط الضوء من جديد على الحاجة إلى مراجعة شاملة لقانون الأحوال الشخصية. وفيما يلي روايتها:

بدأ زوجي بعد فترة من الزواج بإظهار صفات أنانية تتمثل في رفض إعالة أطفالنا ماديًا أو معنويًا والانعزال عني وعن أولادي ورفض مشاركتنا حياته وانتقادات مستمرة على ملابسي وشكلي في مقابل ادعاء التجمل وتهميشي أمام أقربائنا وأصدقائنا.

أصبحت المسؤولة عن الإنفاق على بيتي وأبنائي وعلاجي من مرض مناعي (الروماتويد) أصابني بعد زواجي منه، وعادة ما ينتج عن القلق المفرط والضغط العصبي المتواصل، حيث رفض زوجي علاجي وطلب مني الإقامة مع أهلي حتى أُشفى.

يصيب ذلك المرض عمودي الفقري وعظامي ورغم ذلك كنت مسؤولة مسؤولية كاملة على تربية أبنائنا والاهتمام بالعمل المنزلي  وعلاقتنا الحميمة. لكن صار وضعي أكثر هشاشة بسبب حملي مباشرةً بعد زواجي وبسبب ضغط زوجي لإنجاب طفلاً آخر رُغم تحذير الأطباء بخطورة الحمل بسبب مرضي. وبعد إنجابي ابنتي الثانية، بدأ زوجي بخيانتي وإيذائي جسديًا بالضرب أنا وأبنائنا بالإضافة إلى الإساءة النفسية تجاهنا.

تسببت الإساءة بأطفالي إلى معاناتهم صعوبات في التعلم ونوبات هلع مفاجئة وسلوك عنيف تجاهي. ذهبت بأولادي إلى طبيب نفسي وطلب مقابلة أبيهم إلا أنه رفض. وبعد طلبي الطلاق، طلب تركي لمنزلنا بسبب رغبته من الزواج من أخرى به وطلب بشكل واضح أن أشارك بشكل متساوٍ معه في الإنفاق مستغلاً بذلك منصبه الاجتماعي بوصفه نائبًا في مجلس الشيوخ وعدم قدرتي أنا وأهلي على مواجهته.

في ضوء تلك القصة، نعيد طرح الإشكاليات الخاصة بقانون الأحوال الشخصية ونتساءل من خلالها حول إمكانية صياغة قانون يعتمد على فلسفة نسوية. من ضمن الإشكاليات التي تظهر داخل القانون والقصة المذكورة أعلاه، المواد التالية:

  • تتيح المادة 60 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 عذرًا يُمكِن الزوج من الإفلات من العقاب إذا قام بتعنيف زوجته أو أبنائه سواء كان تعنيفًا جسديًا (مثل الضرب) أو نفسيًا. بعد التفصيل في مواد العقوبات وبالأخص الضرب والاعتداء، تضمن القانون بابًا تاسعًا يتناول موانع العقاب ومن ضمنها المادة رقم 60 والتي تنص على الآتي: “لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتُكب بنية سليمة عملًا بحق مقرر بمقتضى الشريعة.” لم يحدد المشرع المصري ما هي الأفعال التي من الممكن أن ترتكب بنية سليمة أو كيفية تحديد هذه النية أو حتى الأفعال التي تبيحها الشريعة. تعد تلك المطاطية والغموض في التفسير، نمطًا مقصودًا يُمكن القانون من إعفاء الرجل من العقاب عند ارتكابه عنفًا أو إساءة بحقها تحت ذريعة شرعية “التأديب والنشوز.”
  • رغُم اعتراف المشرع المصري داخل قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1929 بأحقية الزوجة والأطفال في النفقة (مادة 1 و2 و18 مكرر) وإلزام الزوج بها وتتضمن كل من الغذاء والكسوة والمسكن والعلاج، إلا أن تنفيذيًا، يضع القضاء المصري عبء إثبات الدخل على الزوجة ولا يقوم بالتحقق بنفسه من ذلك مما يفتح المجال أمام تضليل الزوج وإخفائه للدخل الحقيقي أو إدعاء نشوز الزوجة وبالتالي عدم أحقيتها في النفقة مما يترتب عليه إنذارها بوجوب الطاعة (مادة 6) كما سبق وذكرنا في القصة الأولى.
  • أما بالنسبة للتطليق، يعترف المشرع المصري بالطلاق الشفهي وإمكانية حدوثه دون علم الزوجة. كما ينص على أن حقوقها المادية لا تسري دون توثيق الطلاق وبالتالي تُصبح الزوجة بذلك داخل منطقة رمادية غير محددة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.