مؤتمر مارس: “الحقوق الاقتصادية للنساء بين منهاج عمل بكين وخطة التنمية المستدامة”

فتح باب التقديم: مهمة استشارية للتدريب على مهارات المفاوضة الجماعية والحوار الاجتماعي
أبريل 7, 2025
قراءة نسوية في مشروع القانون الموحد لمناهضة العنف ضد النساء
أبريل 14, 2025

عقدت المرأة الجديدة يوم 25 مارس، مؤتمر بعنوان “الحقوق الاقتصادية للنساء بين منهاج عمل بكين وخطة التنمية المستدامة” للوقوف على أوضاع النساء بعد مرور 30 عامًا على بكين و10 سنوات على أهداف التنمية المستدامة، للنقاش حول مدى فعالية التعهدات الدولية في تحقيق تمكين اقتصادي حقيقي للنساء، في ظل السياسات الاقتصادية النيوليبرالية الجديدة والتي تقوض حقوق النساء وتزيد من نسب تأنيث الفقر.

شاركنا في الجلسة الأولى، التي جاءت بعنوان: “الحقوق الاقتصادية للنساء بين منهاج عمل بكين وخطة التنمية المستدامة”، والتي أدارتها مي صالح، مديرة برنامج النساء والعمل والحقوق الاقتصادية بالمرأة الجديدة، كلًا من:
محمد رمضان الباحث الاقتصادي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، و د.كريمة الحفناوي، عضوة الحزب الاشتراكي المصري والجبهة الوطنية لنساء مصر.

وأدارت الجلسة الثانية حول: “النساء وأهداف التنمية بين الواقع والمؤشرات”، الكاتبة والمترجمة، إلهام عيداروس، وشاركتنا فيها، د. إنجي محمد، أستاذة العلوم السياسية المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، وأ. نيفين عبيد، الباحثة في التنمية والنوع الاجتماعي، والمديرة التنفيذية للمرأة الجديدة.

افتتحت، مي صالح، المؤتمر بتساؤل حول مدى كفاية ما تم تحقيقه من إنجازات لتحسين أوضاع النساء، بعد مرور 30 سنة على منهاج عمل بكين، وضرورة تقييمه أمام الأزمات الكبرى، ومرور 10 سنوات على أجندة التنمية المستدامة.

أشارت أن هناك أزمات طبيعية وكوارث ونزاعات وضعت أسباب لتعثر التنمية، لكنها أيضًا مرتبطة بإطار سياسي واقتصادي قديم، وأشارت إلى أهمية وثيقة منهاج عمل بكين، حيث شملت كل المحاور الخاصة بحماية النساء، إلى جانب وثيقة اتفاقية السيداو.

أوضحت مي أن سردية السياسات الاقتصادية فرضت سياسات اقتصادية صعبة ومؤلمة على لكل الدول المقترضة من صندوق النقد الدولي، وأن أي نقاش حول الحقوق الاقتصادية لا يمكن أن يتم بمعزل عن الحديث حول سياسات الإصلاح، الرؤية الأشمل والأعم للسياسات الاقتصادية المحركة للمسألة.

وأضافت أن التجربة أثبتت أن برامج الصندوق وضعت النساء في مزيد من الفقر والتهميش، بغياب العدالة الضرورية، وتخفيض معدلات الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية، فكون أن 76% من النساء مستفيدات من برنامج تكافل وكرامة، فهو يعكس أنهن بعيدات عن سوق العمل الرسمي، وهي برامج ليست شاملة.

لفتت النظر أنه تم تخفيض بند الدعم والمنح في موازنة الدولة في الفترة بين (2009 – 2023) من 36% إلى 17% وهو ما يؤثر على المستفيدين من هذه الخدمات، خاصة النساء.

ناقش الباحث محمد رمضان، من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تأثير سياسات التقشف على أوضاع النساء الاقتصادية، وخاصة تأثير سياسات المشروطية الخاصة لصندوق النقد الدولي على أوضاع النساء.

حيث تركز مشروطية الصندوق على ضبط الجانب النقدي عن طريق التقشف، وهو ما يحدث في مصر بشكل عنيف، موجه بشكل أساسي على الإنفاق الاجتماعي وبالأخص على الصحة والتعليم، وهو ما يؤثر بشكل أساسي على النساء، لأنه يتم تعويض النقص في الإنفاق على الصحة والتعليم، من خلال العمل غير المدفوع الأجر للنساء داخل الأسرة، وتتحمل النساء عبء إدارة المصروفات اليومية والاستهلاك داخل الأسرة، وهو ما ينشأ إجراء تعويضي من جانب النساء لسد الفجوة الناتجة عن برامج التقشف.

التأثير الآخر هو تقليل النفاذ للخدمات العامة، فتميل النساء لتأجيل احتياجاتها أو التغاضي عنها.

تحدث عن تأنيث الفقر، زيادة معدلات الفقر بين النساء عنها بين الرجال، فأكثر من 30% من الأسر يعولها بالأساس النساء في مصر، وبالتالي التضخم يؤثر على إعادة إنتاج حلقة مفرغة من تأنيث الفقر.

وأضاف أن التحولات النيوليبرالية في مصر، أنتجت لا رسمية أكثر في سوق العمل، حيث تقبل النساء وظائف ذات عدد ساعات أكبر وأجور أقل من الرجال، ناتج عن فجوات التعليم بين الرجال والنساء، كما انتقد تركيز برامج الصندوق على الحماية الاجتماعية، من خلال برنامج تكافل وكرامة.

كما أشار إلى أن زيادة الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية يعتبر أقل من معدلات التضخم، فتدخلات الصندوق المتعلقة بتمكين النساء تؤدي إلى تأثيرات سلبية طويلة المدى، مثل ضعف الوصول للخدمات الصحية بالنسبة للنساء خاصة فيما يتعلق بالصحة الإنجابية، وأن تمكين النساء من خلال المنح لا يؤدي إلى تمكينهن ولكن وقوعهن في فخ الديون.

النظرة النيوليبرالية ترى النساء نظرة أداتية، فالنساء يمثلن عمالة رخيصة وبالتالي فهن جيش احتياطي دائم للعمل. وهو ما يعيد إنتاج الفقر بين النساء خاصة في دول الجنوب، وهو ما يعتمد عليه صندوق النقد الدولي في سياساته المشروطية، فالتدخلات التي يطرحها في ظل التغيرا ت الاقتصادية العنيفة تؤثر بالسلب على النساء.

استعرضت د.كريمة الحفناوي، الحزب المصري الاشتراكي، وعضوة الجبهة الوطنية لنساء مصر، لعلاقة مصر التاريخية بصندوق النقد الدولي وأثره في تحول سياستها الاقتصادية على مر العقود، وتحدثت عن تبعية مصر الاقتصادية للدول المانحة، وانحياز تلك السياسات ضد الأغلبية العظمى من المواطنين. وانعكست الأزمة الاقتصادية في التضخم والبطالة والأجر.

فالبطالة بين النساء تصل إلى ثلاث أضعاف مقارنة بالرجال، انخفضت نسبة النساء في سوق العمل وصلت إلى 15%، إلى جانب تأثير التغيرات المناخية على العاملات في الزراعة، كما أن العمالة غير المنتظمة لا تخضع لبرامج الحماية الاجتماعية ولا للتأمينات الصحية والاجتماعية. كما أشارت أن  التقشف يؤثر على ما ينفق من الموازنة على خدمات الصحة والتعليم.

عرضت لإشكالية إسراف النظام في الاستدانة الداخلية والخارجية، حيث وصلت أعباء خدمة الدين من خلال الأقساط والفوائد السنوية، أكثر من 50% من الموازنة العامة للدولة.

بالإضافة إلى بعض الإحصاءات لتوزيع الدخل بين المواطنين، فدخل أغنى 10% من السكان وصل إلى 47.9% من الدخل القومي.

أغنى 1% يحصلوا على 18.5% من الدخل القومي. وفيما يخص الثروات، أغنى 1% يحصلوا على 30% من الثروات.

 

الجلسة الثانية: “النساء وأهداف التنمية بين الواقع والمؤشرات”

 

أدارت الباحثة إلهام عيداروس، الجلسة الثانية، بعنوان “النساء وأهداف التنمية بين الواقع والمؤشرات” والتي شاركتها فيها كلا من:

د. إنجي محمد، أستاذة العلوم السياسية المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، وأ. نيفين عبيد، الباحثة في التنمية والنوع الاجتماعي، والمديرة التنفيذية للمرأة الجديدة.

أشارت د. إنجي أن هناك 16% فقط من أهداف التنمية المستدامة هو ما تحقق، في حين أن 84% من الأهداف إما ثابتة أو بطيئة التقدم.، وأضافت أن أكثر الأهداف تحديًا هو الهدف الثاني المتعلق بالقضاء على الجوع، حيث يعاني في الوقت الحالي 1 من كل 3 من درجة معتدلة من انعدام الأمن الغذائي، و30% من النساء في العمر بين 15-49 يعانين من فقر الدم، وهي نسبة ثابتة من سنة 2000.

أما فيما يخص الهدف الخامس وهو تحقيق المساواة بين الجنسين، فذكرت أننا بحاجة إلى 140 سنة لتحقيق تواجد النساء في أماكن القيادة، و 300 سنة لإنهاء زواج الأطفال وفق تقرير الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة.

كما عرضت النقاشات التي دارت حول كيفية تحقيق الأهداف وإشكالية التمويل، وتخاذل الدول الكبرى، وذكرت أنه في قمة المستقبل اعتمدوا ميثاق المستقبل الذي سيبنى عليه أشكال التنمية المستدامة حتى 2050 من خلال دمج بعض الأهداف والبحث عن مصادرة مختلفة للتمويل.

تحتل مصر المرتبة 83 مابين 167 دولة في تقرير تحقيق أهداف التنمية المستدامة لسنة 2024.

وأوضحت د. إنجي أن سبب تأخير فرص مشاركة النساء في سوق العمل هو تحملهن للأعباء المنزلية، وهو ما يحد من تمكينهن الاقتصادي، لأنهن يبذلوا أوقات أكثر في الأعمال الرعائية أكثر من تلك الموجهة في سوق العمل.

ورد في مسح استخدام الوقت في 2015، أن معدل استخدام الوقت في أنشطة العمل المنزلي غير مدفوع الأجر مابين 4-5 ساعة في اليوم للإناث، وبين 2-3 ساعات ونصف للذكور.

كما عرضت لدراسة صادرة عن منتدى البحوث الاقتصادية في 2010، عن إعادة النظر في تخصيص الوقت للمرأة المصرية، عن تأثير الزواج والإنجاب على الخروج من سوق العمل، جاء فيها أن 60%من إجمالي النساء العاملات بأجر داخل العينة انسحبن من سوق العمل بعد الزواج والإنجاب.

كما أشارت إلى دراسة صدرت عن مؤسسة المرأة الجديدة، قامت بها د. سلوى العنتري في 2022 حول تقدير قيمة العمل المنزلي، والتي أوضحت أن عدد ساعات العمل غير مدفوعة الأجر تمثل 82.5 % من إجمالي ساعات العمل للإناث مقابل 17.5% موجهة لسوق العمل.

كما أشارت لدراسة أخرى تمت في وقت الكورونا، توافقت نتائجها مع مسح استخدام الوقت، توصلت إلى أن النساء تقضي ما بين ساعة لأكثر من 9 ساعات في الأعمال الرعائية غير مدفوعة الأجر، حيث تحظى أعمال الطهي ومتعلقاته، وتنظيف المنزل النسبة الأكبر من وقت النساء، ثم الغسيل، ثم رعاية الأطفال، ثم مساعدة الأطفال في المذاكرة.

وتوصلت دراسة أخرى، إلى انخفاض الطلب على عاملات المنازل بسبب الأوضاع الاقتصادية.

جهود ومحاولات من الدولة

تواجه النساء من مختلف الطبقات والثقافات، إشكالية تحمل عبء الأعباء الرعائية، وهو ما يحتاج إلى سياسات تساعد المرأة على الخروج إلى سوق العمل.

بدأت الدولة في تطبيق برنامج “باب أمل”، هناك جهود في وجود حضانات داخل أماكن العمل.

هناك حلول وتجارب منها الاتجاه للاقتصاد التضامني والاجتماعي، والتعاونيات، وقد عدلت وزارة التضامن الاجتماعي قانون التعاونيات الإنتاجية، الذي يسهل إنشاء تعاونيات إنتاجية لأغراض مختلفة.

المشكلة في عدم معرفة الجميع بكل الجهود المبذولة.

تناولت نيفين عبيد، عرض مؤشرات لثلاثة من أهداف التنمية المستدامة، ذو صلة بالأوضاع الاقتصادية للنساء، ومدى استجابة الدولة في التعامل مع المؤشرات الخاصة بتحقيق الهدف الأول الخاص بالقضاء على الفقر، والخامس المتعلق بالمساواة بين الجنسين، والثامن الخاص بالعمل اللائق.

ففيما يتعلق بهدف القضاء على الفقر، أكدت على أهمية تناول مؤشرات نسب النساء والرجال من تحت خط الفقر الوطني، حيث أن هناك ارتفاع في معدلات تأنيث الفقر، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب والشابات. 

الفقر لا يعني فقط النظر إلى معدلات الدخل، لكنه متعدد الأبعاد، فيقاس بالنظر إلى معدلات النفاذ إلى التعليم، والصحة وسوق العمل.

وأوضحت أن هناك تراجع في نسب دخول النساء إلى سوق العمل، وليس السبب فقط هو التحرش كما توضح الرؤية الرسمية، لكن استجابة أشكال العمل غير الرسمية لاحتياجات المرأة في أدوار الرعاية، تجعلها تقبل فرص عمل غير منظمة، رغم افتقادها للتغطية التأمينية والحماية الاجتماعية.

كما أن أحد مؤشرات القضاء على الفقر هو مدى امتلاك النساء للأرض، ومدى قدرتها على حيازة الأرض وإدارتها والحصول على دخل من خلالها. 

أعمال الرعاية المنزلية غير مدفوعة الأجر يتربع على قياسات المؤشر الخامس في تحقيق المساواة بين الجنسين. 

وأشارت أنه في قياس التمكين السياسي للنساء، لا يعتبر عدد النساء داخل البرلمان مؤشر للتمثيل السياسي للنساء، ولكن مدى ما تقدمه تلك الكتلة داخل البرلمان، وفيما يتعلق بالمناصب الإدارية لازالت نسب النساء القاضيات في الوصول للمنصة محدودة. 

لابد من الاهتمام بالمؤشرات الكيفية لقياس تمكين المرأة، ولابد من التركيز على الفئات التي لا يشملها قانون العمل، مثل العمالة غير المنظمة والعمالة الزراعية.

نحن في حاجة لتقديم قراءات نسوية لأوضاع النساء، ويجب العمل على إشكاليات توفير البيانات والإحصاءات، وتداول المعلومات،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.